الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٢٤٦
روى السدي وشعبة وإسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر بن الخطاب بعث عثمان بن حنيف فوضع الجزية على أهل السواد ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثنا عشر يعني درهما وقال الثوري جاء عن عمر بن الخطاب في ذلك ضرائب مختلفة فللوالي أن يأخذ بأيها شاء إذا كانوا ذمة وأما أهل الذمة فما صولحوا عليه لا غير ذكره الأشجعي والفريابي وعبد الرزاق عن الثوري وزاد عبد الرزاق وذلك إلى الوالي يزيد عليهم بقدر يدهم ويضع بقدر حاجتهم وليس لذلك وقت 575 - مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر بن الخطاب إن في الظهر ناقة عمياء فقال عمر ادفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها قال فقلت وهي عمياء فقال عمر يقطرونها بالإبل قال فقلت كيف تأكل من الأرض قال فقال عمر أمن نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة فقلت بل من نعم الجزية فقال عمر أردتم والله أكلها فقلت إن عليها وسم الجزية فأمر بها عمر فنحرت وكان عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طريفة إلا جعل منها في تلك الصحاف فبعث به إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويكون الذي يبعث به إلى حفصة ابنته من آخر ذلك فإن كان فيه نقصان كان في حظ حفصة قال فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بما بقي من لحم تلك الجزور فصنع فدعا عليه المهاجرين والأنصار قال مالك لا أرى أن تؤخذ النعم من أهل الجزية إلا في جزيتهم أما قوله إن في الظهر ناقة عمياء فإنه يعني أن في الإبل التي من مال الله وهي التي جاءت من الصدقة ناقة عمياء كلمة (عميت) معلومة أنها عمياء إذا أخذها من له أخذها فظن عمر أنها من نعم الصدقة وأمر أن يعطاها أهل بيت فقراء ينتفعون بلبنها وتحميلها إن شاؤوا لأن الصدقة وجد فيها أسنان الإبل في فرائضها فلا يوجد في الجزية إلا كما يوجد العروض بالغنيمة فلما علم عمر رضي الله عنه أنها من نعم الجزية حمله الإشفاق والحذر على أن قال ما قال وعلم أسلم فحوى كلامه ومعناه فلم ينل ذلك فقال له إن عليها وسم الجزية كأنه زاده تعريفا واستظهارا عن جوابه في تبيين أنهم أرادوا أكلها
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»