وإن عرضوا عليه أقل منه لم أحب أن يقبله وإن قبله لخلة بالمسلمين رجوت أن يسعه ذلك لأنه إذا لم يحرم أن يأتوا الحجاز مجتازين لم يحل إتيانهم الحجاز كثير يؤخذ منهم ويحرمه قليل وإذا قالوا نأتيها بغير شيء لم يكن ذلك للوالي ولا لهم ويجتهد أن يجعل هذا عليهم في كل بلد انتابوه فإن منعوا منه في البلدان فلا يبين لي أن له أن يمنعهم بلدا غير الحجاز ولا يأخذ من أموالهم وإن اتجروا في بلد غير الحجاز شيئا ولا يحل أن يؤذن لهم في مكة بحال وإن أتوها على الحجاز أخذ منهم ذلك وإن جاءوها على غير شرط لم يكن له أن يأخذ منهم شيئا وعاقبهم إن علموا نهيه عن إتيان مكة ولم يعاقبهم إن لم يعلموا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وينبغي أن يبتدئ صلحهم على البيان من جميع ما وصفت ثم يلزمهم ما صالحوا عليه فإن أغفلهم منعهم الحجاز كله فإن دخلوه بغير صلح لم يأخذ منهم شيئا ولا يبين لي أن يمنعهم غير الحجاز من البلدان قال ولا أحسب عمر بن الخطاب ولا عمر بن عبد العزيز أخذ ذلك منهم إلا عن رضا منهم بما أخذ منهم فأخذه منهم كما تؤخذ الجزية فأما أن يكون ألزموه بغير رضا منهم فلا أحسبه وكذلك أهل الحرب يمنعون الإتيان إلى بلاد المسلمين بتجارة بكل حال إلا بصلح فما صالحوا عليه جاز لمن أخذه وإن دخلوا بأمان وغير صلح مقرين به لم يؤخذ منهم شيء من أموالهم وردوا إلى مأمنهم إلا أن يقولوا إنما دخلنا على أن يؤخذ منا فيؤخذ منهم وإن دخلوا بغير أمان غنموا وإذا لم يكن لهم دعوى أمان ولا رسالة كانوا فيئا وقتل رجالهم إلا أن يسلموا أو يؤدوا الجزية قبل أن نظفر بهم إن كانوا ممن يجوز أن تؤخذ منهم الجزية وإن دخل رجل من أهل الذمة بلدا أو دخلها حربي بأمان فأدى عن ماله شيئا ثم دخل بعد لم يؤخذ ذلك منه إلا بأن يصالح عليه قبل الدخول أو يرضى به بعد الدخول فأما الرسل ومن ارتاد الإسلام فلا يمنعون الحجاز لأن الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) * [التوبة 6] وإن أراد أحد من الرسل الإمام وهو بالحرم فعلى الإمام أن يخرج إليه ولا يدخله إلا أن يكون يغني الإمام فيه الرسالة والجواب فيكتفي بهما فلا يترك يدخل الحرم بحال ((26 - باب اشتراء الصدقة والعود فيها)) 580 - مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال سمعت عمر بن
(٢٥٤)