الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١١٨
الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه قال أبو عمر قد ظن بعض الناس أن هذا الحديث معارض لنهيه صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت لقوله (عليه السلام) لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به (1) ولقول خباب بن الأرت لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به قال وفي الحديث إباحة تمني الموت وليس كما ظن وإنما هذا خبر أن ذلك سيكون لشدة ما ينزل بالناس من فساد الحال في الدين وضعفه وخوف ذهابه لا لضر ينزل بالمؤمن يحط خطاياه وقوله لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه إخبار عن تغير الزمان وما يحدث فيه من المحن والبلاء والفتن وقد ذكرنا في التمهيد حديث زاذان أبي عمر عن عليم الكندي قال كنت مع عبس الغفاري على سطح له فرأى قوما يتحملون من الطاعون فقال يا طاعون خذني إليك ثلاثا يعيدها فقال له عليم لم تقول هذا ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتمنين أحدكم الموت فإنه عند انقطاع عمله ولا يرد فيستعتب فقال عبس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بادروا بالموت ستا إمرة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم واستخفافا بالدم وقطيعة الرحم ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون الرجل يغنيهم بالقرآن وإن كان أقلهم فقها (2) وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إذا أردت بالناس فتنة أو أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون (3) ما يوضح لك معنى هذا الباب ومثل هذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه اللهم قد ضعفت قوتي وكبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط وروى شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن عبد الله
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»