الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٢٣
وروي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وجماعة من السلف أنهم أمروا أن يسرع بهم وهذا عندي على ما استحبه الفقهاء ولكل شيء قدر وهو أمر خفيف إن شاء الله وقد تأول قوم في قوله في هذا الحديث أسرعوا بجنائزكم أنه أراد تعجيل الدفن بعد استيقان الموت ومن حجة من ذهب إلى هذا التأويل في حديث أبي هريرة هذا حديث الحصين بن وحوح أن طلحة بن البراء مرض فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله (1) وحديث علي بن أبي طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا علي ثلاثة لا تؤخرها الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤا (2) قال أبو عمر إلا أن قوله (عليه السلام) إنما هو خير تقدمونه إليه أو شر تضعونه عن رقابكم يدل على المشي وهيئته لا الدفن هذا ظاهر الحديث وكل ما احتمل المعنى فليس ببعيد في التأويل وروى شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة أنه أسرع في المشي في جنازة عثمان بن أبي العاص وأمرهم بذلك وقال قد رأيت وإنا مع النبي صلى الله عليه وسلم (عليه السلام) نرمل رملا (3) وعن بن مسعود أنه قال سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة فقال دون الخبب إن يكن خيرا يعجل به وإن يكن غير ذلك فبعدا لأهل النار
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»