الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١١٥
وقد ذكره بن عباس ومحمد بن الحنفية وجماعة من أهل الكلام في الأطفال والقدر ذكر إسحاق بن راهويه قال حدثنا يحيى بن آدم قال أخبرنا جرير بن حازم عن أبي رجاء العطاردي قال سمعت بن عباس يقول لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا أو متقاربا حتى يتكلموا أو ينظروا في الأطفال والقدر قال يحيى بن آدم فذكرته لابن المبارك فقال أيسكت الإنسان على الجهل قلت فيأمر بالكلام فسكت وذكر المروذي قال حدثنا عمرو بن زرارة قال أخبرنا إسماعيل بن علية عن بن عون قال كنت عند القاسم بن محمد إذ جاءه رجل فقال له ماذا كان بين قتادة وبين حفص بن عدي في أولاد المشركين قال وتكلم ربيعة الرأي في ذلك فقال القاسم إذا الله نهى عن شيء فانتهوا وقفوا عنده قال فكأنما كانت نارا فأطفئت وقد سمع بن عباس رجلين يتكلمان في القدر فقال كلاكما زائغ قال أبو عمر قد ذكرنا والحمد لله ما بلغنا عن العلماء في معنى الفطرة التي يولد المولود عليها واختصرنا القول لأنا بسطناه في التمهيد وكل ما ذكرناه من ذلك فإنما هو أحكامهم في الآخرة وبقيت أحكامهم في الدنيا [فمن ذلك ما أجمع عليه العلماء وما اختلفوا فيه ونحن نذكر ذلك ها هنا بعون الله وفضله لا شريك له أجمع العلماء فيما علمت قديما وحديثا على أن أحكام الأطفال في الدنيا كأحكام آبائهم ما لم يبلغوا فإذا بلغوا فحكمهم حكم أنفسهم هذا في أطفال المسلمين وأطفال أهل الذمة كآبائهم في المواريث والنكاح والصلاة على أطفال المسلمين منهم وأما أطفال الحربيين فإن حكمهم مخالف لحكم آبائهم] لأن آباءهم يقتلون وهم يسبون ولا يقتلون إلا أن يقاتلوا إلا أنهم اختلفوا في الطفل الحربي يسبى ومعه أبواه أو أحدهما أو يسبى وحده فذهب مالك - في رواية المصريين عنه وهو المشهور عندنا من مذهبه أن الطفل من أولاد الحربيين وسائر الكفار لا يصلى عليه إن مات سواء كان معه أبواه أو لم يكونا حتى يعقل الإسلام ويلقنه فيلقنه ويسلم وهو عنده أنه على دين أبويه حتى يبلغ ويعبر عنه لسانه فإن اختلف دينه على دين أبويه فهو عنده على دين أبيه دون أمه
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»