وقد أوضحنا هذا المعنى في التمهيد والذي عليه العلماء أنه لا بأس بالتطوع في المسجد لمن شاء إلا أنهم مجمعون على أن صلاة النافلة في البيوت أفضل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة (1) وقد تقدم هذا الحديث فيما مضى من هذا الكتاب وأما قوله في هذا الحديث وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين فإن الفقهاء اختلفوا في التطوع بعد الجمعة خاصة فقال الإمام مالك ينبغي للإمام إذا سلم من الجمعة أن يدخل منزله ولا يركع في المسجد ويركع الركعتين في بيته إن شاء على حسب ما رواه في ذلك قال مالك وأما من خلف الإمام فأحب إلي أيضا أن ينصرفوا إذا سلموا ولا يركعوا في المسجد فإن ركعوا فذلك واسع وقال الشافعي ما أكثر المصلي من التطوع بعد الجمعة فهو أحب إلي وقال أبو حنيفة يصلي بعد الجمعة أربعا وقال في موضع آخر وستا وقال الثوري إن صليت أربعا أو ستا فحسن وقال الحسن بن حي يصلي بعد الجمعة أربعا وقال أحمد بن حنبل أحب إلي أن يصلي بعد الجمعة ستا فإن صلى أربعا فحسن لا بأس به وكل هذه الأقاويل مروية عن الصحابة قولا وعملا وقد ذكرنا ذلك كله عنهم بالأسانيد في التمهيد ولا خلاف بين متقدمي العلماء ومتأخريهم أنه لا حرج من لم يصل بعد الجمعة ولا من فعل من الصلاة أكثر أو أقل مما اختاره كل واحد منهم وأما قولهم في ذلك على الاختيار لا على غير ذلك
(٣٢٦)