الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٩
216 وأما حديثه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما فهو مرسل في روايته عند جميع رواته وقد أسندناه من طرق في التمهيد صحاح كلها منها حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس (1) وحديث الثوري وغيره عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال كان النبي عليه السلام يخطب قائما ويجلس بين الخطبتين وكانت صلاته قصرا وخطبته قصرا وكان يتلو في خطبته آيات من القرآن (2) واختلف الفقهاء في الجلوس بين الخطبتين (هل هو فرض أم سنة فقال مالك وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه الجلوس بين الخطبتين في الجمعة) سنة فإن لم يجلس بينهما فقد أساء ولا شيء عليه إلا أن مالكا قال يجلس جلستين إحداهما قبل الخطبة والأخرى بين الخطبتين وقال أبو حنيفة لا يجلس الإمام أول ما يخطب ويجلس بين الخطبتين وقال الشافعي يجلس حين يظهر على المنبر قبل أن يخطب لأنه ينتظر الأذان ولا يفعل ذلك في العيدين لأنه لا ينتظر أذانا فإن ترك الجلوس الأول كراهته ولا إعادة عليه لأنه ليس من الخطبتين ولا فصل بينهما وأما الجلوس بين الخطبتين فلابد منه فإن خطب خطبتين لم يفصل بينهما أعاد ظهرا أربعا وقال أبو ثور يخطب خطبتين ويجلس جلستين واختلفوا أيضا في الخطبتين يوم الجمعة وما يجزئ منهما وهل هي فرض أو سنة فالروايات عن أصحابنا فيها مضطربة والخطبة عندنا في الجمعة فرض وهو
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»