الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٨
قال بن القاسم يريد الجمعة فهذه الرواية هي التي عليها جماعة العلماء بالفقه والحديث في جميع الأمصار والحمد لله ولم يختلفوا أن الجمعة واجب شهودها على كل بالغ من الرجال حر إذا كان في مصر جامع هذا إجماع من علماء السلف والخلف واختلفوا في القرى الصغار في أنفسها وفي المسافة التي منها يجب قصد المصر للجمعة من البوادي على ما قد ذكرناه في التمهيد ونذكر ها هنا اختلاف فقهاء الأمصار قال مالك من كان بينه وبين الجمعة ثلاثة أميال فعليه إتيان الجمعة وهو قول الليث والشافعي لأنه تجب على أهل المصر وعلى من كان خارج المصر من موضع يسمع فيه النداء والنداء يسمع بالصوت الندي من ثلاثة أميال فيما ذكروا وروى علي بن زياد عن مالك قال عزيمة الجمعة على من كان من المصر بموضع يسمع فيه النداء وذلك ثلاثة أميال وأما اختلافهم في العدد الذي تصح به الجمعة فأما مالك فلم يحد فيه حدا وراعى القرية المجتمعة المتصلة البيوت قال بن القاسم كالروحاء وشبهها فإذا كانت كذلك لزمتهم الجمعة وقال مطرف وبن الماجشون تجب الجمعة على أهل ثلاثين بيتا فما فوق ذلك بوال وبغير وال وعن عمر بن عبد العزيز خمسين رجلا وقال أبو حنيفة والليث ثلاثة سوى الإمام وقال أبو يوسف اثنان سوى الإمام وبه قال الثوري وداود وقال الحسن بن صالح والطبري إن لم يحضر مع الإمام إلا رجل واحد يخطب عليه وصلى الجمعة أجزتهما واعتبر الشافعي وأحمد بن حنبل أربعين رجلا وعن أبي هريرة مائتا رجل وقال طائفة اثنا عشر رجلا لأن الذين بقوا مع النبي عليه السلام فأقام الجمعة بهم إذ تركوه قائما كانوا اثني عشر رجلا ولكل قول وجه يطول الاحتجاج له وبالله التوفيق
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»