هذه رواية بن وهب التي شبه بها على من لا علم له ولم يعلم أن من أهل العلم جماعة يقولون إنه لا جمعة إلا في مصر جامع وفي قول مالك في رواية بن وهب هذه إذا كان إمامهم يأمرهم دليل على أن وجوب الجمعة عنده في القرية الكبيرة التي ليست بمصر إنما هو اجتهاد منه سنة وتشبيه لها بالمصر المجتمع على إيجاب الجمعة فيه ومسائل الاجتهاد لا تقوى قوة توجب القطع عليها وقد أخبرتك بالإجماع القاطع للعذر وعليه جماعة فقهاء الأمصار فلهذا أطلق مالك أنها سنة في قرى البادية لما رأى من العمل بها ببلده وإن كان فيها خلاف معلوم عنده وعند غيره وقد ذكرنا الاختلاف في التجميع في القرى الصغار والكبار في التمهيد على أنه يحتمل أن يكون قول مالك سنة أي طريقة الشريعة التي سلكها المسلمون ولم يختلفوا فيها هذا لو أراد الجمعة بالأمصار وقال مكحول السنة سنتان سنة فريضة وسنة غير فريضة فالسنة الفريضة الأخذ بها فريضة وتركها كفر والسنة غير الفريضة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير حرج وقد روى بن وهب عن مالك قال سمعت بعض أهل العلم يقول كان الناس في زمن رسول الله ينزلون من العوالي يشهدون الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال أو نحو ذلك قال ولم يبلغني ان شهودها يجب على أحد أبعد من ذلك قال أبو عمر هذا يدل على أنها واجبة على هؤلاء عنده وعلى من هو أقرب إلى المصر منهم وأما المصر فيه عنده واجبة على أهله وعلى كل من سمع النداء أو كان بمكان يسمع منه أو رأس ثلاثة أميال أو أدنى ومن كان أبعد من ذلك فهو في سعة إن شاء الله وقد روى بن القاسم عن مالك أنه قال في القرى التي تجمع فيها الجمعة ولا يكون لهم وال قال ينبغي أن يقدموا رجلا فيخطب بهم ويصلي قال بن القاسم قال لي مالك إن لله فرائض في أرضه فرائض لا يسقطها الوالي
(٥٧)