وقال الشافعي إنما المعنى في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر - التطوع المبتدأ أو النافلة وأما الصلوات المفروضات والمسنونات وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب عليه من النوافل فلا واحتج أيضا بحديث قيس حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر بعد السلام من الصبح فسكت عنه إذ أخبره أنهما ركعتا الفجر وقد روي من حديث هشام بن سعد مثل ذلك واحتج أيضا بحديث أم سلمة وعائشة في الركعتين اللتين قضاهما رسول الله وأنه قال ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار)) (1) وأما أبو ثور فقال لا يصلي أحد تطوعا بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس إلى أن تزول ولا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس إلا صلاة فائتة من الفرائض أو صلاة على جنازة أو على أثر طواف أو صلاة لبعض الآيات أو ما يلزم من الصلوات واحتج بكثير من آثار هذا الباب فيها حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم ((يا بني عبد مناف)) الحديث وقال آخرون أما التطوع بعد العصر فجائز لحديث عائشة ((ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر في بيتي قط)) (2) وأما التطوع بعد الصبح فلا لأن الآثار غير ثابتة في ذلك وحديث عائشة صحيح والأصل ألا يعمل من عمل البر إلا بدليل لا معارض له وقد تعارضت الآثار في الصلاة بعد العصر فواجب الرجوع إلى قوله * (وافعلوا الخير) * [الحج 77] والصلاة فعل خير فلا يمنع من فعلها إلا بما لا تعارض له هذا قول داود بن علي وقال آخرون لا يصلى عند طلوع الشمس ولا بعد الصبح ولا بعد العصر ولا عند الغروب ولا عند الاستواء شيء من الصلوات كلها إلا عصر اليوم فهذا قول أبي حنيفة وأصحابه على ما قدمنا عنهم وقال مالك من طاف بالبيت بعد العصر أخر ركعتي الطواف حتى تغرب
(١١٥)