الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٠٦
وبعضهم يقول فيه ((وحينئذ يسجد لها الكفار)) وبعضهم يقول فيه ((وهي ساعة صلاة الكفار)) وفيه ((فإذا اعتدل النهار فأقصر فإنها ساعة تسجر فيها جهنم)) (1) وحديث أبي أمامه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث عمرو بن عبسة وكلها بأحسن سياقة في ((التمهيد)) وأجمع العلماء على أن نهية - عليه السلام - عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها صحيح غير منسوخ وأنه لم يعارضه شيء إلا اختلفوا في تأويله ومعناه فقال علماء الحجاز مالك والشافعي وغيرهما معناه المنع من صلاة النافلة دون الفريضة ودون الصلاة على الجنازة وهذه جملة قولهم وقال أهل العراق والكوفيون وغيرهم كل صلاة نافلة أو فريضة أو على جنازة فلا تصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند استوائها لأن الحديث لم يخص نافلة من فريضة إلا عصر يومه لقوله - عليه السلام ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) (2) ولهم حجج قد ذكرناها في صدر هذا الكتاب وقد مضى الرد عليهم فيما ذهبوا إليه من ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب وقد ردوا ظاهر الحديث إذ قالوا ببعضه ودفعوا بتأويلهم بعضه لأن الحديث جمع الصبح والعصر وهم قالوا عصر يومه دون صبح يومه وزعموا أن مدرك ركعة من العصر يخرج إلى وقت تباح فيه الصلاة وهو بعد المغرب ومدرك ركعة من الصبح يخرج من الثانية إلى الوقت المنهي عنه وهو الطلوع وهذا الحكم لا برهان لصاحبه فيه ولا حجة له فيه لأن من ذكرنا قد صلى ركعة من العصر والمغرب وفي قوله - عليه السلام - ((من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) (3) مع قوله - عليه السلام ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) (4) أوضح دليل على أن نهيه عليه السلام كان عن الصلاة عند الطلوع وعند الغروب لم يقصد به إلى الفريضة وإنما قصد به إلى ما عدا الفرائض من الصلوات
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»