انصرف إليهم وقد رأى من فزعهم فقال يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا)) وهذا القول منه لما رأى من فزعهم دليل على أن فزعهم لم يكن من أجل عدو يخشونه ولو كان فزعهم من العدو كما زعم بعض أصحابنا ممن فسر الموطأ أن فزعهم كان من خوف العدو لما قال لهم هذا القول والوجه عندي في فزعهم أنه كان وجلا وإشفاقا على ما قدمناه ذكره ولم يكونوا علموا سقوط المأثم عن النائم وعدوه تفريطا فلذلك قال لهم - عليه السلام - ((ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة)) (1) وقد ذكرنا الخبر بذلك فيما مضى من هذا الباب وقد تقدم خروجهم من هذا الوادي وما ذهب إليه أهل الحجاز وأهل العراق في ذلك وفي حديث بن شهاب ((فاقتادوا رواحلهم)) وفي حديث زيد بن أسلم ((فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي)) وهذا يحتمل أن يكون بعضهم اقتاد راحلته وبعضهم ركب على ما فهموا من أمره بذلك كله لأن في حديث بن شهاب ((فاقتادوا)) وفي حديث زيد بن أسلم ((فركبوا)) وليس في ذلك تعارض ولا تدافع وممكن أن يجري من القول ذلك كله وفي رواية بن جريج عن عطاء بن أبي رباح في حديث نوم النبي - عليه السلام - عن صلاة الصبح في السفر قال ((فركع ركعتين في معرسه ثم سار ساعة ثم صلى الصبح)) قال بن جريج فقلت لعطاء بن أبي رباح أي سفر كان قال لا أدري قال أبو عمر في سيره عليه السلام بعد أن ركع ركعتي الفجر أوضح دليل على أن خروجه من ذلك الوادي وتركه للصلاة كان لبعض ما وصفنا في الحديث قبل هذا لا لأنه انتبه حين بدا حاجب الشمس كما زعم أهل الكوفة لأنه معلوم أن الوقت الذي تحل فيه صلاة النافلة والصلاة المسنونة أحرى أن تحل فيه صلاة الفريضة واختلف القائلون بقول الحجازيين فقال بعضهم من نام عن الصلاة في سفره ثم انتبه بعد خروج الوقت لزمه الزوال عن ذلك الموضع وإذا كان واديا خرج عنه لقوله - عليه السلام - اركبوا واخرجوا من هذا الوادي إن [الشيطان] هدأ بلالا كما يهدأ الصبي
(٩٢)