الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٩١
طلعت عليهم الشمس فاستيقظ القوم وقد فزعوا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي وقال ((إن هذا واد به شيطان)) فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا وأن يتوضؤوا وأمر بلالا أن ينادي بالصلاة أو يقيم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ثم انصرف إليهم وقد رأى من فزعهم فقال ((يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها)) ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال ((إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه فلم يزل يهدئه (1) كما يهدأ الصبي حتى نام)) ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقال أبو بكر أشهد أنك رسول الله)) وقد ذكرنا هذا الحديث متصلا مسندا من وجوه كثيرة في ((التمهيد)) بمعان متقاربة وفيها ما يدل على أن نومه عليه السلام كان منه مرة واحدة ويحتمل أن يكون مرتين لأن في حديث بن مسعود أنا أوقظكم وقد يمكن أن رسول الله لم يجبه إلى ذلك وأمر بلالا أن يوقظهم لأن في أكثر الأحاديث أن بلالا كان موكلا بذلك على ما في حديثي مالك وفي بعض الأحاديث أن ذلك النوم كان منه - عليه السلام - زمن الحديبية وفي بعضها زمن خيبر وفي بعضها بطريق مكة ويشبه أن يكون كل واحدا لأن عمرة الحديبية كانت زمن خيبر وهو طريق مكة لمن شاء ويجوز أن يكون غير ذلك والله أعلم وأما قول عطاء بن يسار إن ذلك كان في غزوة تبوك فليس بشيء وأحسبه وهما والله أعلم وقد ذكرنا الآثار بذلك في ((التمهيد)) وقد مضى معنى التعريس وكثير من معاني ألفاظ هذا الحديث فيما تقدم من القول في الحديث الذي قبله وقوله في هذا الحديث ((فاستيقظ رسول الله وقد فزعوا)) تفسيره قوله فيه ((ثم
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»