الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٨٤
وفي قول علي إنما أنفسنا بيد الله وقول بلال أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك مع قوله عليه السلام إن الله قبض أرواحنا وقوله - عليه السلام - في حديث أبي جحيفة ((إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم مع قوله تعالى * (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) * [الزمر 42] - دليل واضح على أن الروح والنفس شيء واحد وقد أثبتنا بما بينا في النفس والروح عن السلف ومن بعدهم بما فيه شفاء في مرسل زيد بن أسلم من ((التمهيد)) والحمد لله وأما قوله ((فبعثوا رواحلهم واقتادوا شيئا)) - فإنه أراد أثاروا جمالهم واقتادوا سيرا قليلا والإبل إذا كان عليها الأوقار فهي الرواحل واختلف العلماء في معنى اقتيادهم وخروجهم من ذلك الوادي فقال أهل الحجاز إنما كان ذلك لأن الوقت قد كان خرج فلم يخف فوتا آخر وتشاءم بالموضع الذي نابهم فيه فقال هذا واد به شيطان)) كما قال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام * (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) * [الكهف 63] وقد روى معمر عن الزهري في هذا الحديث عن بن المسيب قال ((فاقتادوا رواحلهم وارتحلوا عن المكان الذي أصابتهم فيه الغفلة)) وذكر وكيع عن جعفر بن برقان عن الزهري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس فقال لأصحابه تزحزحوا عن المكان الذي أصابتكم فيه الغفلة فصلى ثم قال * (وأقم الصلاة لذكري) * وذلك كله نحو مما أشرنا إليه وليس من باب الطيرة وإنما هو من باب الكراهة وأما أهل العراق فزعموا أن تأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلك الصلاة حتى خرج من الوادي إنما كان لأنه انتبه في حين طلوع الشمس قالوا ومن سنته ألا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها ومن حجتهم ما أنبأنا سعيد بن نصر وأحمد بن قاسم وعبد الوارث بن سفيان قالوا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا بندار محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن جامع بن شداد قال سمعت عبد الرحمن بن علقمة قال سمعت بن مسعود يقول ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يكلأنا الليلة فقال بلال أنا فناموا حتى طلعت الشمس فقال افعلوا كما كنتم تفعلون ففعلنا قال ((كذلك فافعلوا ثم نام أو نسي)) واحتجوا بقوله عليه السلام ((إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»