الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٧١
وقد تكلمنا على أحاديث هذا الباب في التمهيد وما أعلم في هذا الباب من الصحابة من صح عنه ما ذهب إليه الكوفيون فيه من غير اختلاف عنه إلا جابر بن عبد الله وحده فإن عبد الرزاق ذكر عن داود بن قيس عن عبد الله بن مقسم قال سألت جابر بن عبد الله أتقرأ خلف الإمام في الظهر والعصر قال لا وأما جملة اختلاف العلماء في حكم القراءة خلف الإمام فيما يسر فيه الإمام بالقراءة فإن الكوفيين ذهبوا إلى ما ذكرنا من كراهية القراءة خلفه فيما أسر وفيما جهر وهو قول أصحاب بن مسعود وإبراهيم النخعي وسفيان وأبي حنيفة وسائر أهل الكوفة وحجتهم ما وصفنا وقال فقهاء الحجاز والشام وأكثر البصريين القراءة مع الإمام فيما يسر فيه بالقراءة وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود والطبري وحجتهم ما قدمنا ذكره في هذا الباب ثم اختلف هؤلاء في وجوب القراءة إذا أسر الإمام فتحصيل مذهب مالك عند أصحابه أن القراءة خلف الإمام فيما يسر فيه بالقراءة سنة ومن تركها فقد أساء ولا يفسد ذلك عليه صلاته وكذلك قال الطبري القراءة فيما أسر فيه الإمام سنة مؤكدة ولا تفسد صلاة من تركها وقد أساء وقد ذكر بن خواز بنداد أن القراءة خلف الإمام عند أصحاب مالك فيما أسر فيه الإمام بالقراءة - مستحبة غير واجبة وكذلك قال الأبهري وإليه أشار إسماعيل بن إسحاق وذكره في الأحكام له قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا عبد الله بن محمد عن أسامة بن زيد قال سألت القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر فيه فقال إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وإن لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة قال وحدثنا القعنبي قال حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم بن محمد يقول إني لأحب أن أشغل نفسي بالقراءة فيما لم يجهر فيه الإمام بالقراءة عن حديث النفس في الظهر والعصر والثالثة من المغرب والآخرتين من العشاء وقال الأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق وداود القراءة
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»