الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٥١
قال الثوري يسبح في الآخرتين أحب إلي من أن يقرأ وهو قول جماعة الكوفيين وسلف أهل العراق وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه يقرأ في الركعتين الأوليين وأما في الأخريين فإن شاء سبح وإن شاء قرأ وإن لم يقرأ ولم يسبح جازت صلاته وهو قول إبراهيم النخعي ورواه أهل الكوفة عن علي وروى عنه أهل المدينة خلاف ذلك قال أبو عمر روي عن علي وجابر بن عبد الله والحسن وعطاء والشعبي وسعيد بن جبير القراءة في الركعتين الآخرتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب في كل ركعة منها وثبت ذلك عن النبي عليه السلام فلا وجه لمن خالفه وبالله التوفيق واختلفوا فيمن ترك القراءة في كل ركعة فأما مالك فقد ذكرنا مذهبه واختلاف الرواية عنه وقال الأوزاعي من قرأ في نصف صلاته مضت صلاته وإن قرأ في ركعة واحدة من المغرب أو الظهر أو العصر أو العشاء ونسي أن يقرأ فيما بقي من صلاته أعاد صلاته وأما إسحاق بن راهويه فقال إذا قرأ في ثلاث ركعات إماما كان أو منفردا فصلاته جائزة لما أجمع الناس عليه أن من أدرك الركوع أدرك الركعة قال أبو عمر قاس إسحاق الإمام والمنفرد في القراءة على المأموم فأخطأ القياس لأن الإمام والمنفرد لا يحمل غيره عنه شيئا من صلاته ولا يقلب أحد عليه رتبة صلاته ولا يقلبها هو فتجزئ عنه وقال الثوري إن قرأ في ركعة من الصبح ولم يقرأ في الأخرى أعاد الصلاة وإن قرأ في ركعة من الظهر أو العصر أو العشاء ولم يقرأ في الثلاث أعاد وروي عن الحسن البصري أنه قال إذا قرأت في ركعة واحدة من الصلاة أجزأك وقال به أكثر فقهاء البصرة وقال المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي المدني إذا قرأ بأم القرآن مرة واحدة في الصلاة أجزته ولم تكن عليه إعادة لأنها صلاة قد قرأ فيها بأم القرآن فهي تمام ليست بخداج وقد روي عن مالك قول شاذ لا يعرفه أصحابه وينكره أهل العلم به أن
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»