الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٥٢
الصلاة تجزئ بغير قراءة على ما روي عن عمر وهي عن مالك رواية منكرة والصحيح عنه خلافها وقد ذكرنا ذلك عنه وقال الشافعي عليه أن يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب لا تجزئ الركعة إلا بها قال وكما لا ينوب سجود ركعة ولا ركوعها عن ركعة أخرى فكذلك لا تنوب قراءة ركعة عن غيرها وهو ظاهر قول جابر وبه قال عبد الله بن عون وأيوب السختياني وأبو ثور وداود وروي مثله عن الأوزاعي قال أبو عمر قد أوضحنا الحجة في وجوب قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة من طريق النظر والأثر في كتاب التمهيد وأما من أجاز القراءة بغيرها فمحجوج بحديث هذا الباب وبقوله عليه السلام ((لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب)) (1) ولا معنى لقول من قال يأتي بعدد حروفها وآياتها لأن التعيين لها والنص عليها قد خصها بهذا الحكم دون غيرها ومحال أن يجيء بالبدل منها من وجبت عليه فتركها وهو قادر عليها وإنما عليه أن يجيء بها وبعدد آياتها كسائر المفروضات المعينات في العبادات وأما قوله في هذا الحديث قال تعالى ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل)) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اقرؤوا يقول العبد * (والحمد لله رب العالمين) * فبدأ بالحمد لله رب العالمين ولم يقل * (بسم الله الرحمن الرحيم) * فهذا أوضح شيء وأبينه أن ب * (الحمد لله رب العالمين) * فجعلها آية ثم * (الرحمن الرحيم) * آية " ملك يوم الدين " آية فهذه ثلاث آيات لم يختلف فيها المسلمون وجاء في هذا الحديث أنها له تبارك اسمه ثم الآية الرابعة جعلها بينه وبين عبده ثم ثلاث آيات لعبده تتمة سبع آيات فهذا يدل على أن * (أنعمت عليهم) * آية ثم الآية السابعة إلى آخر السورة وهكذا تكون نصفين بين العبد وبين ربه لأنه قال في قوله * (اهدنا الصراط المستقيم) * إلى آخر السورة فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»