ممكن أن يكون فعله ذلك أحيانا فيصح التغليس ويصح الإسفار وقد روى الزهري عن أنس أن أبا بكر - رضي الله عنه - صلى الصبح فقرأ فيها في سورة البقرة في الركعتين وقد أعلمتك فيما تقدم أن القراءة في الصلوات كلها ليس فيها شيء محدود لا يتجاوز في [التطويل والتقصير] لأنه قد ورد فيها كلها التطويل والتقصير والآثار بذلك مشهورة جدا قد ذكرت منها في التمهيد ما فيه كفاية وهي في المصنفات كثيرة متكررة ويقضي عليها ويفسرها قوله - عليه السلام ((من أم بالناس فليخفف)) (1) إلا أن يعرف الإمام مذهب من خلفه وقد روي عن مالك أنه كره أن يقسم المصلي سورة بين ركعتين في الفريضة وذلك أنه لم يبلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر الصحابة كانوا على قراءة فاتحة الكتاب وسورة (في كل ركعة) وربما قرن بعضهم السورتين (مع فاتحة الكتاب) في ركعة روي ذلك عن بن مسعود وبن عمر وهذا كله من فعلهم يدل على التخيير والإباحة فيفعل المصلي من ذلك ما شاء إلا أن الاختيار ما اختاره مالك من قراءة سورة مع أم الكتاب في الركعتين الأوليين من كل صلاة وكذلك في صلاة الصبح وهو الأكثر وما بالاقتداء بالصديق - رضي الله عنه - بأس فإنه من الذين هدى الله فأين المهرب عنه وحديث مالك هذا قد وصله الثقات الأثبات رواه معمر وسفيان بن عيينة ويونس بن يزيد عن الزهري وقد روى الزهري عن أنس أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بالبقرة في الركعتين فقيل له حين سلم كادت الشمس تطلع فقال لو طلعت لم تجدنا غافلين رواه بن عيينة ويونس عن الزهري وأما قراءة عمر بن الخطاب في صلاة الصبح بسورة يوسف وسورة الحج فعلى ما قلنا من استحباب العلماء لطول القراءة في صلاة الصبح وذلك في الشتاء أكثر منه في الصيف وكذلك قراءة عثمان بسورة يوسف
(٤٤٠)