الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٤٤
((ما منعك أن تجيبني أليس قد قال الله * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * [الأنفال 24] وهذا يحتمل أن يكون الدعاء إلى الفرائض والإيمان ويحتمل في كل شيء وليس كلام الناس في الصلاة كذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا وقوله ((إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو ذكر الله وقراءة القرآن)) (1) وهذا الحديث يدل على العموم والإجماع على تحريم الكلام ويدل على تخصيص النبي - عليه السلام - بذلك والله أعلم وفيه وضع الرجل يده على يد صديقه إذا حدثه بحديث يريد أن يحفظه وهذا يستحسن من الكبير للصغير لما فيه من التأنيس والتأكيد في الود وفي قول أبي يا رسول الله السورة التي وعدتني - دليل على حرصه على العلم ورغبته فيه وكذلك كان إبطاؤه في مشيه محبة في العلم وحرصا عليه وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له ((كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة)) قال فقرأت عليه * (الحمد لله رب العالمين) * - فقد استدل به بعض أصحابنا على سقوط * (بسم الله الرحمن الرحيم) * من أول فاتحة الكتاب وعلى سقوط التوجيه وهذا لا حجة فيه لأن التوجيه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب وغيره وقد جاءت به رواية عن مالك ولكنه يدل أنه لا شيء على من أسقطه ولم يأت به ولأنه لم يقل له ما تقول إذا افتتحت الصلاة وإنما قال له كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة فأجابه إن القراءة في الصلاة لا تفتتح إلا بفاتحة الكتاب فلا يجوز أن يقرأ بغيرها إلا بعد الافتتاح بها بدليل هذا الحديث وما كان مثله ولا حجة فيه في سقوط * (بسم الله الرحمن الرحيم) * وإنما فيه دليل واضح على أنه يفتتح القراءة بها في الصلاة دون غيرها من سور القرآن لأن * (والحمد لله رب العالمين) * اسم لها كما يقال قرأت * (يس والقرآن الحكيم) * وقرأت * (ن والقلم) * وقرأت * (ق والقرآن المجيد) * وهذه كلها أسماء للسور وليس في ذلك ما يسقط * (بسم الله الرحمن الرحيم) * إذا قام الدليل بأنها آية من فاتحة الكتاب على ما نذكره في الباب بعد هذا إن شاء الله والقول في هذه المسألة بين المتنازعين قد طال وكثر فيه الشغب والذي أقول
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»