ثم قال ويخرج هذا عندي - والله أعلم - أنه لما كان المعتاد من المنغمس في الماء وصابه عليه - أنهما لا يكادان يسلمان من أن ينكب الماء عن المواضع المأمور بها - وجب لذلك عليهما أن يمرا أيديهما على أبدانهما قال فأما إن طال مكث الإنسان في ماء أو والى صبه عليه من غير أن يمر يديه على بدنه فإنه ينوب ذلك عن إمرار يديه ثم قال وإلى هذا المعنى ذهب مالك هذا كله قول أبي الفرج وقد عاد إلى جواز الغسل للمنغمس في الماء إذا بالغ ولم يتدلك ونقض ما تقدم له وخالف ظاهر قول مالك وأصحابه إلا أن على ذلك جماعة الفقهاء وجمهور العلماء وقد روي عن ميمون بن مهران كقول مالك سواء في ذلك وروي نحوه عن أبي العالية واختلف فيه عن الحسن وعطاء سئل مالك عن الجنب يفيض عليه الماء قال لا بل يغتسل غسلا وقال أبو العالية يجزئ الجنب من غسل الجنابة أن يغوص غوصة غير أنه يمر يديه على جلده وذكر دحيم عن كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال إذا اغتسلت من الجنابة فاغسل جلدك وكل شيء تناله يدك وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والثوري والأوزاعي يجزئ الجنب إذا انغمس في الماء ولم يتدلك وبه قال أحمد بن حنبل وأبو ثور وداود وإسحاق والطبري ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وهو قول عامر الشعبي وإبراهيم النخعي وبن شهاب الزهري وحماد بن أبي سليمان وعلي بن حسين ومحمد بن علي وروى مروان بن محمد الطاطري - وهو من ثقات التابعين - عن مالك بن أنس مثل ذلك وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد واختلف عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح في هذه المسألة على القولين جميعا وقد ذكرنا في التمهيد عنهما مع جماعة من التابعين غيرهما أنهم قالوا إذا انغمس الرجل في نهر انغماسة أجزأه
(٢٦٢)