وقد ذكرنا من آثار هذا الباب في ((التمهيد)) كثيرا يدل على ما وصفنا والحمد لله وجملة الآثار المنقولة في هذا عن النبي - عليه السلام - يدل على أن لا توقيت فيما يكفي من الماء في الغسل والطهارة ولذلك ما استحب السلف ذكر المقدار من غير كيل روى عبد الرزاق عن بن جريج قال سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول صاع للغسل من غير أن يكال قال وأخبرنا بن جريج قال قلت لعطاء كم بلغك أنه يكفي الجنب قال صاع من ماء من غير أن يكال وقد روى القعنبي عن سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن عطاء أنه سمع سعيد بن المسيب سأله رجل من أهل العراق عما يكفي الإنسان في غسل الجنابة فقال لي سعيد إن لي تورا (1) يسع مدين من ماء أو نحوهما وأغتسل به فيكفيني وتفضل فيه فضلة فقال الرجل والله إني لأستنثر بمدين من ماء فقال سعيد بن المسيب فما تأمرني إن كان الشيطان يلعب بك فقال له الرجل فإن لم يكفني فإني رجل - كما ترى - عظيم فقال له سعيد ثلاثة أمداد فقال إن ثلاثة أمداد قليل قال له فصاع قال عبد الرحمن وقال لي سعيد إن لي ركوة (2) أو قدحا ما تسع إلا نصف المد أو نحوه وإني لأتوضأ منه وربما فضل فضل قال عبد الرحمن فذكرت هذا الحديث الذي سمعت من سعيد بن المسيب لسليمان بن يسار فقال وأنا يكفيني مثل ذلك قال عبد الرحمن فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر فقال أبو عبيدة هكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ((التمهيد)) زيادات في هذا المعنى عن جماعة من العلماء ولا خلاف بينهم في هذا الباب والحمد لله وأما الفرق فبتحريك الراء وقد روي عن يحيى وغيره بإسكان الراء
(٢٦٧)