وفيه جواز صلاة الفاضل خلف المفضول وفيه أنه رسول الله حين صلى مع بن عوف ركعة جلس معه في الأولى ثم قضى ما فاته من الأخرى فكان فعله هذا كقوله ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) (1) وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ذلك في فعلهم ذلك ((أحسنتم)) دليل أنه ينبغي أن يحمد ويشكر كل من برز إلى أداء فرضه وعمل ما يجب عليه عمله وفيه فضل لعبد الرحمن إذ قدمه جماعة الصحابة لأنفسهم في صلاتهم بدلا من نبيهم عليه السلام وفيه الحكم الجليل الذي فرق بين أهل السنة وأهل البدع وهو المسح على الخفين لا ينكره إلا مبتدع خارج عن جماعة المسلمين فأهل الفقه والأثر لا خلاف بينهم في ذلك بالحجاز والعراق والشام وسائر البلدان إلا قوما ابتدعوا فأنكروا المسح على الخفين وقالوا إنه خلاف القرآن وعمل القرآن نسخه ومعاذ الله أن يخالف رسول الله كتاب الله الذي جاء به قال الله تعالى * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * [النحل 44] وقال * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * [النساء 65] والقائلون بالمسح على الخفين هم الجم الغفير والعدد الكثير الذين لا يجوز عليهم الغلط ولا التشاغر ولا التواطؤ وهم جمهور الصحابة والتابعين وهم فقهاء المسلمين وقد روي عن مالك إنكار المسح على الخفين في السفر والحضر وهي رواية أنكرها أكثر القائلين بقوله والروايات عنه بإجازة المسح على الخفين في الحضر والسفر أكثر وأشهر وعلى ذلك بنى موطأه وهو مذهبه عند كل من سلك اليوم سبيله لا ينكره منهم أحد والحمد لله
(٢١٦)