الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢١٨
وروى أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة أنه كان يمسح على خفيه وذكر الأثرم قال سمعت أحمد بن حنبل وقيل له ما تقول فيما روي عن أبي هريرة وأبي أيوب وعائشة في إنكار المسح على الخفين فقال إنما روي عن أبي أيوب أنه قال حبب إلي الغسل فإن ذهب ذاهب إلى قول أبي أيوب الأنصاري حبب إلي الغسل لم أعبه قال إلا أن يترك رجل المسح ولا يراه كما صنع أهل البدع فهذا لا يصلى خلفه ثم قال نحن لا نذهب إلى قول أبي أيوب ونرى المسح أفضل ثم قال ومن تأول تأويلا سائغا لا يخالف فيه السلف صلينا خلفه وإن كنا نرى غيره ثم قال لو أن رجلا لم ير الوضوء من الدم ونحن نراه كنا لا نصلي خلفه إذا كنا لا نصلي خلف سعيد بن المسيب ومالك ومن سهل في الوضوء من الدم قال أبو عمر لا أعلم أحدا من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين ممن لا يختلف عليه فيه إلا عائشة وكذلك لا أعلم أحدا من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك إلا مالكا والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك موطؤه يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة وإن كان من أصحابنا من يستحب الغسل ويفضله على المسح من غير إنكار للمسح على معنى ما روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال أحب إلي الغسل وقد ذكرنا في ((التمهيد)) حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بن عمر أنه كان يقول لا يحيكن في صدر أحدكم المسح على الخفين وإن جاء من الغائط لأني كنت من أشد الناس في المسح وذكر بن أبي شيبة حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال مسح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين فمن ترك ذلك رغبة عنه فإنما هو من الشيطان حدثنا محمد بن زكريا حدثنا أحمد بن شعيب حدثنا أحمد بن خالد حدثنا مروان بن عبد الملك حدثنا أبو حاتم حدثنا الأصمعي حدثنا المعتمر بن سليمان قال كان أبي لا يختلف عليه في شيء من الدين إلا أخذ بأشده إلا المسح على الخفين فإنه كان يقول هو السنة واتباعها الأفضل وقد زدنا هذا المعنى بيانا في ((التمهيد)) واختلف الفقهاء في المسح في السفر فروي عن مالك ثلاث روايات في ذلك
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»