الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٥٦
وكان بن عمر يتوضأ لكل صلاة فقيل له في ذلك [فقال] ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ على طهر كتبت له عشر حسنات)) (1) وهذا كله يدلك على معنى [الفرض وموضع الفضل وهذا أمر مجمع عليه فسقط القول فيه وفي هذا الحديث من الفقه أيضا الفرق] بين ورود النجاسة على الماء وبين ورود الماء عليها لأن النبي - عليه السلام - نهي القائم إلى وضوئه من نومه أن يغمس يده في الإناء لئلا يكون فيها من النجاسة ما يفسد الماء عليه وأمره بصب الماء على يده وغسلها ببعض ماء الإناء الذي نهاه أن يغمس يده فيه فدل على أن الماء يطهر النجاسة بأن يصب عليها حتى تزول بقليل الماء زالت أو كثيرة على حسب المعهود عند الناس من تطهير الأنجاس ولم تعتبر في ذلك قلة ولا كثرة ولا مقدار كما قال عليه السلام في الماء الذي ترد عليه النجاسة وهذا بين لمن وفق وبالله التوفيق قال مالك الأمر عندنا أن لا يتوضأ من رعاف ولا من دم ولا من قيح يسيل من الجسد ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر أو من دبر أو نوم أما قوله الأمر عندنا إلى آخر كلامه - فإنه لم يرد الأمر المجتمع عليه لأن الخلاف موجود بالمدينة في الرعاف وكلامه هذا ليس على ظاهره عند جميع أصحابه لأنهم لا يختلفون في الملامسة مع اللذة والقبلة مع اللذة أن ذلك يوجب الوضوء وكذلك مس الذكر وسيأتي ذكر ذلك في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله وأما الدم السائل والفصد والحجامة فجمهور أهل المدينة على أن لا وضوء في شيء من ذلك وبه قال الشافعي وهو الحق لأن الوضوء المجتمع عليه لا يجب أن ينتقض إلا بسنة أو إجماع وإنما أوجب العراقيون الوضوء في ذلك قياسا على المستحاضة لقول النبي - عليه السلام - ((إنما ذلك عرق وليس بالحيضة)) (2) ثم أمرها بالوضوء لكل صلاة
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»