الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٥٥
وروي عن بن عباس وسعد بن أبي وقاص وأبي موسى الأشعري وجابر بن عبد الله وعبيدة السلماني وأبي العالية الرياحي وسعيد بن المسيب والأسود بن يزيد والحسن البصري وإبراهيم النخعي والسري أيضا - أن الآية عني بها حال القيام إلى الصلاة على غير الطهر وهذا أمر مجتمع عليه لا خلاف بين الفقهاء فيه والحمد لله وروى سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه ((أن النبي - عليه السلام - كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان يوم الفتح صلى خمس صلوات بوضوء واحد فقال له عمر يا رسول الله فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال عمدا فعلته يا عمر)) (1) أي ليعلم الناس ذلك [ومن الدليل أن الأمر بالوضوء على من وجب عليه القيام إلى الصلاة في قوله عز وجل * (إذا قمتم إلى الصلاة) * الآية - ليس بواجب إلا إن كان محدثا على غير وضوء ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع بين الصلاتين في أسفاره ولا يتوضأ إلا للأولى منهما وكذلك فعل بعرفة والمزدلفة في جمعة بين الصلاتين بهما ومن الدليل على ذلك أيضا ما روي في الآثار الصحاح أنه صلى الله عليه وسلم أكل كتفا مستها النار وطعاما مسته النار وقام إلى الصلاة ولم يتوضأ (2) وإنما ذكرنا هذا لأنا قد أوضحنا اختلاف العلماء في الوضوء مما غيرت النار في موضعه من هذا الكتاب وأتينا بالآثار المروية في إيجاب الوضوء على من أكل ما غيرته النار من الطعام وبالله التوفيق
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»