ومعلوم منه في الأغلب الاضطجاع والاستثقال فعلى هذا خرج الحديث والله أعلم وأما قوله في الحديث ((فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه)) فإن أكثر أهل العلم ذهبوا إلى أن ذلك ندب لا إيجاب وسنة لا فرض وكان مالك يستحب لكل من كان على غير وضوء سواء قام من نوم أو غيره أن يغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه وروى أشهب [عنه] في ذلك تأكيدا واستحبابا وروى بن وهب وبن نافع عن مالك في المتوضئ يخرج منه ريح لحدثان وضوئه ويده طاهرة قال يغسل يده قبل أن يدخلها في الإناء أحب إلي قال بن وهب وقد كان قبل ذلك يقول إن كانت يده طاهرة فلا بأس أن يدخلها في الوضوء قبل أن يغسلها ثم قال أحب إلي أن يغسل يده إذا أحدث قبل أن يدخلها في وضوئه وإن كانت طاهرة وذكر بن عبد الحكم عنه قال من استيقظ من نومه أو مس فرجه أو كان جنبا أو امرأة حائضا فأدخل أحدهم يده في وضوئه فليس ذلك يضره كان الماء قليلا أو كثيرا إلا أن يكون في يده نجاسة قال ولا يدخل أحدهم يده في وضوء قبل أن يغسلها قال أبو عمر الفقهاء على هذا كلهم يستحبون ذلك ويأمرون به فإن أدخل أحد يده بعد قيامه من نومه في وضوئه قبل أن يغسلها ويده نظيفة لا نجاسة فيها فلا شيء عليه ولا يضر ذلك وضوءه وقد ذكرنا في ((التمهيد)) عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يتوضؤون من المطاهر وفي ذلك ما يدلك على أن إدخال اليد السالمة من الأذى في إناء الوضوء لا يضره ذلك وقد كان الحسن البصري فيما روى عنه أشعث الحمراني يقول إذا استيقظ أحدكم من النوم فغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها أهراق ذلك الماء وإلى هذا ذهب أهل الظاهر فلم يجيزوا الوضوء به لأنه عندهم ماء منهي عن استعماله لأن عندهم المنهي عنه لا معنى له إلا هذا كأنه قال فلا يدخل يده فإن فعل لم يتوضأ بذلك الماء
(١٥٢)