الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٥١
قال ففي هذا الحديث التسوية بين الغائط والبول والنوم مع القياس على ما أجمعوا عليه في أن غلبة النوم وتمكنه حدث يوجب الوضوء فوجب أن يكون قليلة حدثا كما أن كثيرة عند الجمهور حدث وليس فيما ذكرنا عن الأشعري وعبيدة ما يخرق الإجماع وقد بينا ذلك في ((التمهيد)) وكذلك بينا الحجة على المزني هنالك أيضا واحتج من ذهب إلى فعل الأشعري وقول عبيدة بحديث يروى عن النبي - عليه السلام - من حديث علي وحديث معاوية أنه قال ((العينان وكاء (1) السه (2) فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) (3) وقد احتج بهذا الحديث أصحابنا لمالك أيضا وهما حديثان ضعيفان لا حجة فيهما من جهة النقل وقد ذكرتهما في ((التمهيد)) وأصح ما في هذا الباب من جهة الإسناد حديث بن عمر قال ((شغل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العشاء ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم استيقظنا ثم خرج علينا فقال ليس أحد ينتظر الصلاة غيركم)) (4) ومثله حديث أنس قال ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون)) (5) وقد ذكرنا هذين الحديثين مع سائر الأحاديث الواردة في النوم عن النبي - عليه السلام - في ((التمهيد)) وكذلك عن الصحابة والتابعين وكلها تدل على أن من نام جالسا لا شيء عليه ومثله حديث مالك عن نافع عن بن عمر أنه كان ينام جالسا ثم يصلي ولا يتوضأ قال أبو عمر في قوله - عليه السلام - ((فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)) ما يدل على نوم الليل وشبهه
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»