الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٦١
واعتمد فيه على قول بن جريج وهو أحد أئمة الحديث والفقه والتفسير قال فيه قلتان من قلال هجر وقد تكلم إسماعيل في هذا الحديث ورده بكثير من القول في كتاب ((أحكام القرآن)) وقد رد الشافعيون عليه قوله في ذلك بضروب من الرد وممن نقض ذلك منهم أبو يحيى في كتاب ((أحكام القرآن)) ومذهب إسماعيل في الماء هو مذهب أهل المدينة من أصحاب مالك وغيرهم وهو خلاف مذهب البصريين من أصحاب مالك في الماء ولو ذهب إسماعيل في ذلك مذهب المصريين المالكيين ما احتاج إلى رد حديث القلتين ولا إلى الإكثار في ذلك وروى أهل المدينة عن مالك - ذكر ذلك أبو مصعب وأحمد بن المعذل وغيرهما - أن الماء لا تفسده النجاسة التي تحل فيه قليلا كان أو كثيرا في بئر أو مستنقع أو إناء إلا أن تظهر فيه وتغيره وإن لم يكن ذلك فهو طاهر على أصله وهو قول بن وهب من أصحاب مالك المصريين وإلى هذا مال إسماعيل وأبو الفرج والأبهري وسائر المالكيين البغداديين وبه قالوا وله احتجوا وإليه ذهبوا وذكر بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن الماء الراكد الذي لا يجري تموت فيه الدابة أيشرب منه أو تغسل منه الثياب فقالا انظر بعينك فإن رأيته لا يغيره ما وقع فيه فنرجوا ألا يكون به بأس قال وأخبرني يونس عن بن شهاب كل ماء فيه فضل عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك لونه ولا طعمه ولا ريحه فهو طاهر يتوضأ به قال وأخبرني عبد الجبار بن عمر عن ربيعة قال إذا وقعت الميتة في البئر فلم تغير طعمها ولا ريحها فلا بأس أن يتوضأ منها وإن رئي فيها الميتة قال وإن تغيرت نزع منها قدر ما يذهب الرائحة عنها وإلى هذا ذهب بن وهب وروى هذا عن بن عباس وبن مسعود وبن المسيب - على اختلاف عنهم - وسعيد بن جبير وهو قول الأوزاعي والليث بن سعد والحسن بن صالح وإليه ذهب داود بن علي ومن اتبعه وهو مذهب أهل البصرة وهو الصحيح عندنا في النظر وثابت الأثر وقد ذكرنا الآثار بذلك في التمهيد
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»