معرفة السنن والآثار - البيهقي - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
وفي حديث الروذباري كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة فنزلت:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوما لله قانتين) *.
فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن هشيم. واخرجاه من حديث عيسى بن يونس عن إسماعيل. وهذا مثل حديث ابن مسعود وغيره في أن المراد به كلاما نهى عنه / وهو كلام العمد الذي يمكن الامتناع منه والاحتراز عنه وليس في هذا دلالة على أن تحريم الكلام كان بعد حديث ذي اليدين وذاك لأن زيد بن أرقم من متقدمي الصحابة بالمدينة.
قال أبو إسحاق: قلت لزيد بن أرقم: كم غزى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال:
تسع عشرة غزوة.
قلت له: كم غزوت أنت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: سبع عشرة غزوة.
قلت: ما أول غزوة غزاها؟
قال: ذو العشير أو ذو العسيرة.
ويحتمل أن يكون تحريم الكلام ثابتا قبله. وقوله: كان أحدهم يكلم في الصلاة اخبارا عن أمر مضى وان كان الأصل قوله: كان أحدنا. فيجوز أن يكون تحريمه ثابتا قبله ولم يبلغ زيد بن أرقم ثم نزلت هذه الآية تأكيدا للتحريم الذي سبق.
وما في القنوت من المعاني سوى السكوت فعلم به زيد وفهمه من هذه الآية فأخبر به كما ثبت تحريمه قبل رجوع عبد الله من أرض الحبشة ولم يعلمه حتى رجع فأخبره به رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. وكان بعض الأحكام ثبتت بقول النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم تنزل الآية على وفق قوله تأكيدا له كما كان فرض الوضوء للصلاة ثابتا زمانا من دهره ثم نزلت الآية تأكيدا له.
وبالله التوفيق.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»