كانت مثل هذه المساعدة (لبعض) أهل العلم والدين، ولا يشوبها شئ من أمور الدنيا، كان حسنا منه وفضلا وحرصا على نشر العلم والمساعدة في الخير).
وقد دافع الذهبي - رحمه الله تعالى - عن الدارقطني في ذلك بعد أن أورد حكاية تدل على أن الدارقطني لم يكن في حالة ميسرة من العيش، ولم يكن له نصيب وافر من المال (قال أبو الحسن العتيقي: حضرت أبا الحسن وجاءه أبو الحسين البيضاوي بغريب ليقرأ له شيئا، فامتنع واعتل ببعض العلل، فقال:
هذا غريب، وسأله ان يملي عليه أبو الحسن من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على العشرين حديثا متن جميعها (نعم الهدية امام الحاجة) قال: فانصرف الرجل ثم جاءه بعد، وقد اهدى له شيئا ففر به وأملى عليه من حفظه بضعة عشر حديثا متون جميعها (إذا اتاكم كريم قوم فأكرموه).
قال الذهبي: (قلت: هذه حكاية صحيحة.. وهي دالة على سعة حفظ هذا الامام، وعلى انه لوح بطلب شئ، وهذا مذهب لبعض العلماء، ولعل الدارقطني كان إذ ذاك محتاجا، وكان يقبل جوائز دعلج السجزي، وكذا وصله الوزير ابن حنزابة بجملة من الذهب لما خرج له المسند.
ويجب ان لا ينسى القارئ ان ابن حنزابة لم يكن وزيرا وصاحب سلطان وجاه فقط، إنما هو عالم كبير ورجل عادل بذل نفسه للعلم والعلماء فرحلة الدارقطني له لمساعدته إنما هي رحلة لعالم من العلماء مشهود له بالتقوى والصلاح، وهذا أمر لا يلام عليه الدارقطني خاصة وانه لم يقصر نفسه وعلمه على ابن حنزابة بل نشر علمه بين طلابه واستفاد منه الكثير، وتأثروا به، وعرفوا منزلته، وكان من أبرز تلاميذه الحافظ أبو محمد عبد الغني بن