وقال (صلى الله عليه وسلم): (لا تحدثوا الا عمن تقبلون شهادته) وهكذا سار السلف الصالح على هذا النهج، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (انظروا عمن تأخذون هذا العلم فإنما هو الدين) وكذا قال أبو هريرة وابن سرين وغيرهم من علماء الأمة الاسلامية ومحدثوها.
قال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى: (القدح في الرواة واجب لما فيه من اثبات الشرع، ولما على الناس في ترك ذلك من الضرر في التحريم والتحليل وغيرهما).
وقال ابن خلدون: (ومن علوم الحديث النظر في الأسانيد ومعرفة ما يجب العمل به (من) الأحاديث بوقوعه على السند الكامل الشرط لان العمل إنما وجب بما يغلب على الظن هدفه من اخبار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيجتهد في الطريق التي تحصل ذلك الظن وهو بمعرفة رواة الحديث بالعدالة والضبط، وإنما يثبت ذلك بالنقل عن اعلام الدين بتعديلهم وبراءتهم من الجرح والغفلة، ويكون لنا ذلك دليلا على القبول أو الترك) ولقد بذلك علماء الجرح والتعديل جهودا جبارة في دراسة أحوال الرجال الذين نقلوا السنة النبوية، وقلبوهم ظهرا لبطن.. وكانوا في دراستهم في غاية التقوى والورع، الموضوعية والتجرد عن الهوى والمحاباة..
ولقد برز جهابذة اختصوا بهذا الفن.. ومن هؤلاء الامام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، حيث اتجه إليه المحدثون والنقاد يسألونه عن الجرح والتعديل، وعلل الحديث.. (5)