تعالى إلا بعد بعثة نبي. فمن مات ولم تبلغه دعوة رسول فهو ليس من أهل النار عندهم. وأما أبو منصور الماتريدي وأتباعه وعامة مشايخ سمرقند فإنهم قائلون بأن بعض الأحكام قد يعرف قبل البعثة بخلق الله تعالى العلم به، إما بلا سبب كوجوب تصديق النبي وحرمة الكذب الضار، وإما مع سبب بالنظر وترتيب المقدمات، وقد لا يعرف إلا بالكتاب كأكثر الاحكام، فيجب الايمان بالله تعالى قبل البعثة عقلا حتى قال أبو حنيفة: لو لم يبعث الله رسولا لوجب على الخلق معرفته بعقولهم لما يرى في الآفاق والأنفس ".
ولما عرض أبو البقاء أقسام الحمد، كما جاء في تعريفات الشريف الجرجاني دون أن يذكره كما هي عادته، أضاف في بحث الحمد الحالي لله: " فحمد الله عبارة عن تعريفه وتوصيفه بنعوت جلاله وصفات جماله، وسمات كماله الجامع لها سواء كان بالحال أو بالمقال. وهو معنى يعم الثناء بأسمائه فهي جليلة، والشكر على نعمائه فهي جزيلة، والرضى بأقضيته فهي حميدة، والمدح بأفعاله فهي جملة. وذلك لان صفات الكمال أعم من صفات الذات والأفعال، والتعريف بها أعم منه باللسان أو بالجنان أو بالأركان ".
ثم يردف أبو البقاء: " وأما الحمد الذاتي فهو، على ألسنة المكملين، ظهور الذات في ذاته لذاته.
والحمد الحالي: اتصافه بصفات الكمال.
والحمد الفعلي: إيجاد الأكوان بصفاتها حسبما يقتضيها في كل زمان ومكان.
ونفس الأكوان أيضا محامد دالة على صفات مبدعها، سوابقها ولواحقها، مثل الأقوال ".