فضيلة الشكر لله - محمد بن جعفر السامري - الصفحة ١٥
على أن الصوفية قد فرقوا أيضا بين الشكر والرضا وتناقشوا في الرضا، هل هو من الأحوال أو من المقامات؟
" فأهل خراسان قالوا: الرضا من جملة المقامات، وهو نهاية التوكل، ومعناه يؤول إلى أنه مما يتوصل إليه العبد باكتسابه. وأما العراقيون فإنهم قالوا:
الرضا من جملة الأحوال، وليس ذلك كسبا للعبد، بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر الأحوال ".
ويوفق القشيري بين القولين فيري أنه: " يمكن الجمع بين اللسانين فيقال:
بداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من المقامات ونهايته من جملة الأحوال وليست بمكتسبة ".
وقد فرقوا بين نوعين من الرضا فرفضوا أحدهما ونوهوا بالثاني، ذلك أن الواجب على العبد أن يرضى بالقضاء الذي أمر بالرضا به إذا ليس كل ما هو بقضائه يجوز للعبد، أو يجب عليه الرضا به كالمعاصي وفنون محن المسلمين.
هذا وقد قصر الغزالي في سفره الواسع (إحياء علوم الدين) كتابا على الصبر والشكر، خصص الشطر الثاني من هذا الكتاب لبحث الشكر. وجمعه للشكر والصبر في باب يدل على ما بينهما من علاقة، وقد سبق في كلامنا على معنى الشكور ما يتضمن ذلك. والقارئ لما يكتبه مؤلف الاحياء لابد له من أن يعجب ببيانه السهل وتحليله الدقيق، ويدرك في الوقت نفسه مدى إفادته من رسائل من سبقه كأبي طالب المكي والمحاسبي والقشيري وغيرهم. ولاغرو في ذلك فإن العلم يزداد وينمو ويزكو بالمراجعة والمحاورة. وإضافة المتأخر على ما سبق إليه المتقدم.
ويجد الباحث غني في هذا المجال في كتب المفسرين والمحدثين وكلام علماء الصوفية والفقهاء، اقتصرنا على تلخيص ما سنح منها لنا.
هذا وثمة بحوث نحوية في الكلام على حمد الله يجدها القارئ الكريم في كتب
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست