فضيلة الشكر لله - محمد بن جعفر السامري - الصفحة ٦
الموضوع وحده، وهو فضيلة الشكر فيما ورد بها من الآثار، دون أن يلم بالألفاظ التي تدل على معان قريبة من الشكر.
بيد أن المؤلفين القدماء من لغويين ومحدثين ومفسري التنزيل عرضوا لألفاظ تدل على معان متقاربة أو مترادفة، وميزوا ما بينها من فروق، وهي الشكر والحمد والمدح والثناء والرضا. وهي ألفاظ قد يقع بعضها في مواقع بعض، وقد تختلف مواقعها فتخلف الدلالة. ومن المناسب أن نجلو هذه الفروق في شتى المجالات كما وردت في التراث العربي نفسه استكمالا للموضوع:
يرى الزمخشري في الكشاف: أن الشكر هو الثناء على النعمة خاصة، وهو بالقلب واللسان والجوارح ويستشهد بقول الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة * يدي ولساني والضمير المحجبا فالشكر هنا في البيت قد أطلق على أفعال الموارد الثلاثة وهي اللسان واليد والضمير أو القلب، وجعل بإزاء النعمة جزاء لها متفرعا عليها، وكل ما هو جزاء النعمة عرفا يطلق عليه الشكر لغة. قال الشريف الجرجاني في حاشيته على الكشاف: " فإن قلت: الشاعر جعل المجموع بإزاء النعمة، فالشكر يجب أن يطلق عليه، وأما على كل واحد من الثلاثة فلا، قلت: لا شبهة في أن الشكر يطلق على فعل اللسان اتفاقا. وإنما الاشتباه في إطلاقه على فعل القلب والجوارح، حتى توهم كثير من الناس أن الشكر في اللغة فعل اللسان وحده. ولما جمع الشاعر الأول مع الأخيرين وجعلها ثلاثة، علم أن كل واحد شكر للنعمة على حدة، كأنه أراد أن نعماكم كثرت عندي وعظمت، فاقتضت استيفاء أنواع الشكر، وبالغ في ذلك حتى جعل مواردها واقعة في مقابلة النعماء ملكا لأصحابها مستفادا منها كأنه قال: يدي ولساني وقلبي لكم فليس في القلب إلا نصحكم ومحبتكم، ولا في اللسان إلا ثناؤكم ومحمدتكم، ولا في اليد والجوارح إلا مكافأتكم وخدمتكم. وفي وصف الضمير بالمحجب إشارة إلى أنهم ملكوا ظاهره وباطنه ".
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست