فضيلة الشكر لله - محمد بن جعفر السامري - الصفحة ٩
ثم يعرج القرطبي على مثل ما جاء في قول الزمخشري فيورد: " وقال بعض العلماء: إن الشكر أعم من الحمد لأنه باللسان وبالجوارح والقلب، والحمد إنما يكون باللسان ".
هذا وفي اللغة جاء مصدر شكر يشكر شكرا وشكورا وشكرانا، ويقال:
شكر له وشكره وتشكر له بمعنى.
إن هذه الألفاظ المتقاربة المعاني قد ينوب بعضها عن بعض كما سلف وإن كان بينها بعض الفروق التي اتضحت. وأكثر العلماء في التراث العربي الاسلامي يتناولون معاني هذه الألفاظ عند الحمد والشكر لله.
نعود إلى الحديث الذي سلف ذكره " ما شكر الله عبد لم يحمد " يعقب الجرجاني عليه بقوله: " فإنه إذا لم يعترف بإنعام المولى ولم يثن عليه بما يدل على تعظيمه وإكرامه لم يظهر منه شكر ظهورا كاملا، وإن اعتقد وعمل فلم يعد شاكرا، لان حقيقة الشكر إظهار النعمة والكشف عنها، كما أن كفرانها إخفاؤها وسترها.
والاعتقاد أمر خفي في نفسه، وعمل الجوارح وإن كان ظاهرا إلا أنه يحتمل خلاف ما قصد به. فإنك إذا قمت تعظيما لأحد احتمل القيام أمرا آخر، إذ لم يتعين للتعظيم بخلاف النطق، فإنه ظاهر في نفسه ومعين لما أريد به وضعا... " فالحمد وهو النطق والثناء باللسان كما سبق " أظهر أنواع الشكر وأشهرها وأشملها على حقيقة الشكر والإبانة عن النعمة حتى لو فقد كان ما عداه بمنزلة العدم ".
هذا عندنا يدل على شرف الحرف، وصدق النطق به في الحضارة العربية الاسلامية، لان النطق شاهد على التصديق مبدئيا، وتصديق القلب يستلزم العمل بمقتضاه وهو من دلالات التوحيد.
وقد عمد السيد الشريف الجرجاني في تعريفاته إلى قسمة الشكر شكرا لغويا:
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست