مسند أبي يعلى - أبو يعلى الموصلي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٢
ابن محمد، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والجلوس في الطرقات ". قالوا: يا رسول الله. مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، قال: " فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ".
قالوا: وماحق الطريق؟ قال: " غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر " (1)...

(١) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري في الاستئذان (٦٢٢٩) باب: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم)، من طريق معاذ بن فضالة، حدثنا أبو عامر العقدي، بهذا الاسناد. وصححه ابن حبان برقم (٥٨٤) بتحقيقنا.
وأخرجه أحمد ٣ / ٣٦ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا زهير بن محمد، به.
وأخرجه البخاري في المظالم (٢٤٦٥) باب: أفنية الدور والجلوس فيها، ومسلم في اللباس (٢١٢١) باب: النهي عن الجلوس في الطرقات، من طريقين عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه مسلم (٢١٢١) ما بعده بدون رقم، والبخاري في الأدب المفرد برقم (١١٥٠)، وأبو داود في الأدب برقم (٤٨١٥) باب: في الجلوس في الطرقات، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن زيد بن أسلم، به.
قال الحافظ في الفتح ١١ / ١١ ١٢: " وقد اشتملت روايات الحديث على معنى علة النهي عن الجلوس في الطرقات، من التعرض للفتن بخطور السناء، وخوف ما يلحق من النظر إليهن، ومن التعرض لحقوق الله والمسلمين، ومن رؤية المناكير، وتعطيل المعارف، فيجب على المسلم الأمر والنهي عند ذلك، فإن ترك ذلك فقد تعرض للمعصية، والمرء مأمور بأن لا يتعرض للفتن، وإلزام نفسه بما لعله لا يقوى عليه، فندبهم الشارع إلى ترك الجلوس حسما للمادة. فلما ذكروا له ضرورتهم إلى ذلك لما فيه من المصالح من تعاهد بعضهم بعضا، ومذاكرتهم في أمور الدين ومصالح الدنيا، وترويح النفوس بالمحادثة في المباح، دلهم على ما يزيل المفسدة من الأمور المذكورة ولكل من هذه الآداب شواهد في أحاديث أخرى ".
انظر فتح الباري.
وفي الحديث حجة لمن يقول بأن سد الذرائع بطريق الأولى لاعلى الحتم، لأنه نهى عن الجلوس حسما للمادة، ثم ذكر لهم المقاصد الأصلية للمنع، ويؤخذ منه أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة لندبه أولا إلى ترك الجلوس مع ما فيه من الاجر لمن عمل بحق الطريق. وذلك أن الاحتياط لطلب السلامة آكد من الطمع في الزيادة.
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست