قول يصدقه خبر الرسول فهو الأصلح للقبول وكل ما لا يسانده الحديث والقرآن فذلك في الحقيقة سفسطة بلا برهان (1).
ولقد علم الذين خاطبهم بقوله: (أنتم خير أهل الأرض ان الاخذ بسنته اتباع لكتاب الله واستكمال لطاعته وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شئ خالفها من اهتدى بها فهو مهتد ومن استنصر بها فهو منصور ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى واصلاه جهنم وساءت مصيرا (2) لذلك حرصوا عليها وعضوا عليها بالنواجذ.
غير أنها لم تكن في عصر أصحابه وكبار تبعتهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة لامرين: أحدهما: انهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك - كما ثبت في صحيح مسلم - خشية ان يختلط بعض ذلك بالقرآن.
وثانيهما: لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم ولان أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الاخبار (3).
وكان ابتداء التدوين على رأس المئة في خلاف عمر بن عبد العزيز فقد جاء في صحيح البخاري باب: كيف يقبض العلم:
وكتب عمر بن العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فانى خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل الا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فان العلم لا يهلك حتى يكون سرا.
وقد حدث ذلك عندما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع.
ولكنهم جمعوا مع الحديث أقوال الصحابة وفتاوى التابعين.