كتاب العقل وفضله - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٨
أقول العلماء فيه:
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وسئل أبي عنه فقال: بغدادي صدوق.
و قال الخطيب: وكان ابن أبي الدنيا يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء.
أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن شاذان، أخبرنا أبي، حدثنا أبو ذر القاسم بن داود بن سليمان قال: حدثني ابن أبي الدنيا. قال: دخل المكتفي على الموفق ولوحه بيده، فقال: مالك لوحك بيدك؟ قال مات غلامي واستراح من الكتاب، قال:
ليس هذا من كلامك، هذا كان الرشيد أمر أن يعرض عليه ألواح أولاده في كل يوم اثنين وخميس، فعرضت عليه قال لابنه: ما لغلاك ليس لوحك معه؟ قال مات واستراح من الكتاب، قال وكأن الموت أسهل عليك من الكتاب؟ قال نعم. قال فدع الكتاب، قال ثم جئته فقال لي: كيف محبتك لمؤدبك؟ قال: كيف لا أحبه وهو أول من فتق لساني بذكر الله، وهو مع ذاك إذا شئت أضحكك، وإذا شئت أبكاك، قال يا راشد أحضرني هذا، قال فأحضرت قربت قريبا من سريره، وابتدأت في أخبار الخلفاء ومواعظهم فبكى بكاء شديدا، قال فجاءني راغب - أويانس - فقال لي: كم تبكي الأمير؟ فقال: قطع الله يدك ما لك وله يا راشد، تنح عنه. قال وابتدأت فقرأت عليه نوادر الأعراب، قال فضحك ضحكا كثيرا، ثم قال شهرتني شهر تني.
و ذكر الخبر بطوله. قال أبو ذر: فقال لأحمد بن محمد بن الفرات: أجر له خمسة عشر دينارا في كل شهر، قال أبو ذر: فكنت أقبضها لابن أبي الدنيا إلى أن مات.
و قال ابن النديم: كان يؤدب المكتفي بالله، وكان ورعا زاهدا عالما بالأخبار والروايات.
و قال الحافظ ابن كثير: الحافظ المنصف في كل فن المشهور بالتصانيف الكثيرة، النافعة الشائعة الذائعة في الرقاق وغيرها، وكان صدوقا حافظا ذا مروءة.
وقال الذهبي في تذكرة الحافظ: كان صدوقا أديبا إخباريا، كثير العلم - حديثه في غاية العلو، لا بن البخاري، بينه وبينه أربعة أنفس.
و قال جمال الدين أبو المحاسن بن تغري بردي: كان مؤدبا لجماعة من أولاد لخلفاء، منهم المتعضد، وابنه المكتفي، وكان عالما زاهدا، ورعا عابدا، وله
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»