ما روي في الحوض والكوثر - ابن مخلد القرطبي - الصفحة ٣٣
تدل على رضاه عن كل مبايع تحتها وإن كان منافقا، ولو قال: لقد رضي الله عن المبايعين تحت الشجرة لدل على رضاه عن آحادهم، ولم يقل ذلك بل علق الرضا على الايمان والبيعة جميعا ".
ويرد عليهم بقوله تعالى: * (إذ يبايعونك) * فإن " إذ " ظرف، وسواء كانت ظرفا محضا أو كانت ظرفا فيها معنى التعليل، فإنها تدل على تعلق الرضا بالمبايعين، فعلم أن جميع المبايعين من المرضي عنهم.
ويرد عليهم أيضا بما ذكره هاشم البحراني - وهو من علمائهم - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
" كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خيار أهل الأرض " فبايعنا تحت الشجرة على الموت، فما نكث أصلا أحد إلا ابن قيس وكان منافقا.
" وابن قيس هذا هو: الجد بن قيس تخلف عن بيعة الرضوان تحت الشجرة واستتر بجمل أحمر، وجاء في الحديث: " كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر ". ".
وبهذا يتبين أن الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم أبعد الناس عن الاتصاف بصفة الارتداد، أو النفاق، كيف لا، وقد رضي الله عنهم، ورضي عنهم رسولهم صلى الله عليه وسلم، وصرح الله تعالى، وصرح رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك في مواضع عديدة. فليسوا هم الذين يختلجون، وليسوا الذين يذادون عن الحوض، بل هم أول من يشرب منه لفضلهم، فهم أفضل الناس بعد الأنبياء
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 37 39 41 ... » »»