ما روي في الحوض والكوثر - ابن مخلد القرطبي - الصفحة ٣٠
إلا القليل، يدلك على ذلك قوله: " ليردن على الحوض أقوام "، ولو كان أرادهم جميعا إلا من ذكروا لقال: لتردن علي الحوض، ثم لتختلجن دوني.
ألا ترى أن القائل إذا قال: أتاني اليوم أقوام من بني تميم وأقوام من أهل الكوفة، فإنما يريد قليلا من كثير، ولو أراد أنهم أتوه إلا نفرا يسيرا، قال:
أتاني بنو تميم، وأتاني أهل الكوفة، ولم يجز أن يقول: قوم، لان القوم هم الذين تخلفوا، ويدلك أيضا قوله: " يا رب أصيحابي " - بالتصغير - وإنما يريد بذلك تقليل العدد... إلى أن يقول: " وقد ارتد بعده أقوام منهم عيينة بن حصن، ارتد ولحق بطليحة بن خويلد حين تنبأ "... " إلى أن قال:
" ولعيينة بن حصن أشباه ارتدوا حين ارتدت العرب، فمنهم من رجع وحسن إسلامه، ومنهم من ثبت على النفاق ".
وقال في موضع آخر:
" حدثني زيد بن أحزم الطائي قال: أنا أبو داود، قال: نا قرة بن خالد، عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كانوا في بيعة الرضوان؟ قال: خمس عشرة مائة. قال: قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة. قال: أوهم رحمه الله، هو الذي حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة ".
فكيف يجوز أن يرضى الله عز وجل عن أقوام، ويحمدهم، ويضرب لهم مثلا في التوراة والإنجيل وهو يعلم أنهم يرتدون على أعقابهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يقولوا إنه لم يعلم، وهذا هو شر الكافرين.
قال الله تعالى مخبرا عن رضاه عن الذين بايعوا بيعة الرضوان:
* (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) *.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»