سؤالات الآجري لأبي داود - سليمان بن الأشعث - ج ١ - الصفحة ٢٨
العلمية بله الافراد. ولكنه فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده.
ومما يدل على سعة حفظه انه اغرب على شيخه الإمام أحمد حديثا فكتبه احمد عنه وكان أبو داود شديد الاعتزاز بذلك (1).
زهده وفضله ومكانته الاجتماعية:
كان الإمام أبو داود كغيره من أئمة الحديث والفقه على درجة عاليه من الورع والزهد والتقوى والتمسك بسنن النبي صلى الله عليه وآله في شؤون حياته كافة.
قال ابن حبان: كان أبو داود أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا ونسكا وورعا واتقانا (3).
وقد سبق أنه كان شديد التشبه بالامام أحمد بن حنبل.
ومن كلامه في هذا الصدد: الشهوة الخفية حب الرئاسة (3) وقوله: من اقتصر على لباس دون ومطعم دون أراح جسده. (4) وهذا العلم والزهد والورع مع النباهة واليقظة والجراة على الحق قد جعل له مكانا اجتماعيا مرموقا حتى إن أكبر رجل في الدولة يأتي إلى بابه ويترجى إليه. فقد روى خادمه أبو بكر بن جابر قال: كنت معه ببغداد فصلينا المغرب إذ قرع الباب ففتحته فإذا خادم يقول: هذا الأمير أبو أحمد الموفق يستأذن. فدخلت إلى أبى داود فأخبرته بمكانه فاذن له. فدخل وقعد ثم أقبل عليه أبو داود وقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟
قال: خلال ثلاث. فقال: وما هي؟
قال: تنتقل البصرة فتتخذها وطنا ليرحل إليك طلبة العلم من أقطار الأرض فتعمر بك: فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس لما جرى عليها من محنة الزنج.

(١) هو حديث العتيرة قال الذهبي: وهو حديث منكر تكلم في ابن قيس من أجله (سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢١١).
(٢) ثقات ابن حبان ٨ / ٢٨٢ وانظر أقوالا أخرى من هذا القبيل في " ثناء الأئمة عليه ".
(٣) تاريخ بغداد ٩ / 58.
(4) تهذيب تاريخ دمشق 6 / 44.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»