ريب أن الورع هو اجتناب الشبهات خوفا من الوقوع في المحرمات وهو من ثمار المعرفة لله سبحانه فكلما ازداد العبد معرفة لربه وقربا منه زادت خشيته منه وزاد ورعه ولا مراء أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - بما هيأ الله لها من البيئة الصالحة والنشأة الطيبة كانت على مقام رفيع في المعرفة والخشية والورع ".
وفي مسندها أحاديث كثيرة رواها وهي تدل على ورعها، فمنها حديث منعها عمها من الرضاعة ان يدخل عليها فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو عمك فليلج عليك ومع ذلك لم تقتنع فاستفسرت النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلة: انما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فأكد لها بقوله: " إنه عمك فليلج عليك ".
وهكذا مرة طلب منها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تناوله الخمرة - السجادة الصغيرة - فقالت: إني حائض فقال - صلى الله عليه وسلم -: " ان حيضتك ليست بيدك ".
فكانت من ورعها - رضي الله عنها - أنها تحتجب من العميان فمرة دخل عليها رجل أعمى فاحتجبت عنه فلما قال لها: تحتجبين مني ولست أراك، قالت: " ان لم تكن تراني، فاني أراك ".
ومن خشيتها وشدة خوفها أنها كانت تقول: " ليتني كنت شجرة "، وفي رواية أخرى عن عمرو بن سلمة قال: قالت عائشة: " والله لوددت أني كنت شجرة، والله لوددت أني كنت مدرة، والله لوددت أن الله لم يكن خلقني شيئا