تفرقها على المساكين، قال عروة: " لقد رأيت عائشة - رضي الله عنها - تقسم سبعين ألفا وإنها لترقع جيب درعها، فإذا قيل لها: أليس قد أوسع الله عليك؟... قالت: لا جديد لمن لا خلق له ".
فهكذا صار السخاء من جبلتها وعندما لا تجد شيئا تبيع ممتلكاتها لتتصدق بثمنها ويغضب من صنيعها هذا ابن أختها عبد الله بن الزبير في بيع أو عطاء أعطته عائشة فقال: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة فقالت: لا والله لا أشفع فيه أبدا، ولا أتحنث إلى نذري فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بني زهرة، وقال لهما: أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: نعم ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه ويقولان: " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عما قد علمت من الهجرة فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما وتبكي وتقول إني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل دموعها خمارها ".
ولها اخبار كثيرة في الجود والانفاق تركتها مخافة التطويل.