الكرم والجود - البرجلاني - الصفحة ١٣
هذا ولعل مستند الذيه ذهبوا إلى تضعيف البرجلاني أو تليينه أن يروي - أحيانا - عن رواة ضعفاء أو متروكين، أقول: وليس هذا التضعيف بشيء لان البرجلاني مثل عادة المصنفين الذين يروون فضائل الاعمال والزهد والرقائق وغيرها، أنهم يروون ما في الباب سواء كان صحيحا أو ضعيفا أو واهيا وهم يجعلون العهدة في ذلك على الناقل. وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان 3 / 75 في ترجمة الطبراني ما فحواه: إن الحفاظ الأقدمين يعتمدون في روايتهم الأحاديث الموضوعة مع سكوتهم عنها على ذكرهم الأسانيد، لاعتقادهم أنهم متى أوردوا الحديث بإسناده فقد برئوا من عهدته وأسندوا أمره إلى النظر في إسناده. اه‍. وانظر فتح المغيث 1 / 255. ويبدو أن البرجلاني انتقد أيضا على أمر آخر وهو اشتغاله بما يتعلق بتهذيب النفوس وآداب السلوك والزهد والرقائق في وقت كان يزخر بالاشتغال بالحديث رواية ودراية وحفظا وكتابة، وكان لأولئك المحدثين نظرة ناقدة لكل من تحول عن طريقهم وسلك مسلكا آخر في العلم فقيها كان أو مذكرا أو متكلما. وقال الامام شيخ الاسلام ابن دقيق العيد في كتاب الاقتراح في بيان الاصطلاح ص 59 - 60 وهو يتكلم عن أمور ينبغي تفقدها عند الجرح قال ما نصه: الاختلاف الواقع بين المتصوفة وأصحاب العلوم الظاهرة فقد وقع بينهم تنافر أوجب كلام بعضهم في بعض، وهذه غمرة لا يخلص منها إلا العالم الوافي بشواهد الشريعة، ولا أحصر ذلك في العلم بالفروع المذهبية، فإن كثيرا من أحوال المحققين من الصوفية لا يفي بتمييز حقه من باطله علم الفروع، بل لا بد من ذلك مع معرفة القواعد الأصولية، والتمييز بين الواجب والجائز والمستحيل العقلي والمستحيل العادي، فقد يكون المتميز في الفقه جاهلا بذلك، حتى يعد المستحيل عادة مستحيلا عقلا، وهذا المقام خطر شديد، فإن القادح في المحق من الصوفية معاد لأولياء الله تعالى، وقد قال فيما أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم: «من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة» اه‍.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست