عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢٧٩
قالوا: وحديث ثمن المجن أنه كان ثلاثة دراهم لا ينافي هذا لأنه إذ ذاك كان الدينار اثني عشر درهما فهي ثمن ربع دينار فأمكن الجمع بهذا الطريق، ويروى هذا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، وبه يقول عمر ابن عبد العزيز ومالك والليث بن سعد والأوزاعي وإسحاق في رواية، وأبو ثور وداود بن علي الظاهري، وقال أحمد: إذا سرق من الذهب ربع دينار قطعت، وإذا سرق من الدراهم ثلاثة دراهم قطعت، وعنه: أن نصابها ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو قيمة ثلاثة دراهم من العروض والتقويم بالدراهم خاصة والأثمان أصول لا يقوم بعضها ببعض، وعنه: أن نصابها ثلاثة دراهم أو قيمة ذلك من الذهب والعروض، وقال عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأيمن الحبشي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر: لا تقطع حتى يكون عشرة دراهم مضروبة، وقال الكاساني: وروي عن عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود مثل مذهبنا، واحتجوا في ذلك بما رواه الطحاوي: حدثنا ابن أبي داود وعبد الرحمن بن عمر والدمشقي قالا: نا أحمد بن خالد الوهبي قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال: كان قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم، ورواه النسائي: حدثنا عبيد الله بن سعد أنا عمي حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني عمرو بن شعيب أن عطاء بن أبي رباح حدثه أن عبد الله بن عباس كان يقول: ثمنه عشرة دراهم. وأخرج النسائي أيضا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشرة دراهم.، تابعه عبد الرحمان بن خالد وابن أخي الزهري ومعمر عن الزهري.
أي: تابع إبراهيم بن سعد عبد الرحمن بن خالد الفهمي المصري واليها، وتابعه أيضا ابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم. وتابعه أيضا معمر بن راشد، وهؤلاء الثلاثة تابعوا إبراهيم بن سعد في روايتهم عن الزهري في الاقتصار على عمرة، أما متابعة عبد الرحمن بن خالد وابن أخي الزهري فقال صاحب (التلويح): وتبعه صاحب (التوضيح): فرواها محمد بن يحيى الذهلي في كتابه (علل أحاديث الزهري): عن روح بن عبادة ومحمد بن بكر عنهما، وقال بعضهم: قرأت بخط مغلطاي وقلده شيخنا ابن الملقن: أن الذهلي أخرجه في (علل أحاديث الزهري): عن محمد بن بكر وروح بن عبادة جميعا عن عبد الرحمن وهذا الذي قاله لا وجود له بل ليست لروح ولا لمحمد بن بكر عن عبد الرحمن رواية أصلا.
قلت: أراد بمغلطاي صاحب (التلويح): وبشيخه صاحب (التوضيح): وهذا منه كلام لا وجه له من وجوه: الأول: أنه ناف والمثبت مقدم والثاني: أن عدم اطلاعه على ذلك لا يستلزم عدم اطلاع صاحب (التلويح): عليه أيضا والثالث: فيه القدح لصاحب (التلويح): مع أنه تبعه شيخه باعترافه، فلا يترك كلام شيخين عارفين بهذه الصنعة مع اطلاعهما عل كتب كثيرة من هذا الفن ويصغى إلى كلام من يعطن في الأكابر. والرابع: أن نفي رواية روح ورواية محمد بن بكر عن عبد الرحمن بن خالد يحتاج إلى معرفة تاريخ زمانهم، فلا يحكم بذلك بلا دليل. وأما متابعة معمر فرواها مسلم في (صحيحه): عن إسحاق بن إبراهيم وابن حميد كلاهما عن عبد الرزاق عن معمر، ولكن لم يسق لفظه.
0976 حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير وعمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تقطع يد السارق في ربع دينار). (انظر الحديث 9876 وطرفه).
هذا طريق آخر في حديث عائشة ولكن فيه: عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن كلاهما عن عائشة بخلاف الطريق الذي مضى فإن فيه الاقتصار على عمرة، وهذا أيضا مما يحتج به الشافعية في قطع يد السارق في ربع دينار. وقالوا: هذا إخبار من عائشة عن قول النبي صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على أن ما ذكر عنها في الحديث السابق من قطع النبي صلى الله عليه وسلم في ربع دينار فصاعدا أنها إنما أخذت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما وقفها عليه، على ما في هذا الحديث، لا من جهة تقويمها لما كان
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»