عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٨٨
6153 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ل حسان: أهجهم أو قال: هاجهم وجبريل معك.
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في بدء الخلق عن حفص بن عمر وفي المغازي عن حجاج بن منهال ومضى الكلام فيه.
قوله: (أوهاجهم) شك من الراوي. قوله: (وجبريل معك) أي: بالتأييد والمعاونة، وقال ابن بطال: هجو الكفار من أفضل الأعمال وكفى بقوله: اللهم أيده فضلا وشرفا للعمل والعامل به، وهذا إذا كان جوابا عن سبهم للمسلمين بقرينة ما قال: أجب.
92 ((باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن)) أي: هذا باب في بيان كراهة كون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده أي: يمنعه عن ذكر الله ومذاكرة العلم وقراءة القرآن، وقال الكرماني: الغالب بالرفع والنصب. قلت: أما الرفع فعلى أن يكون اسم: كان وخبره قوله: الشعر، وأما النصب فعلى العكس، وهو أن يكون الشعر هو اسمه والغالب خبره.
6154 حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا حنظلة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلىء شعرا.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه لأن امتلاء الجوف بالشعر كناية عن كثرة الاشتغال به حتى يكون وقته مستغرقا به فلا يتفرغ لذكر الله، عز وجل، ولا لقراءة القرآن وتحصيل العلم، وهذا هو المذموم. وفيه إشارة إلى أن ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والاشتغال بالعلم إذا كانت غالبة عليه فلا يدخل تحت هذا الذم.
وعبيد الله بن موسى هو أبو محمد العبسي الكوفي، وحنظلة بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الظاء المعجمة وباللام ابن أبي سفيان الجمحي القرشي من أهل مكة واسم أبي سفيان الأسود، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر يروي عن أبيه.
والحديث أخرجه الطحاوي: حدثنا يونس قال: حدثنا ابن وهب قال: سمعت حنظلة قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: سمعت عبد الله بن عمر يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله، وهذا السند أقوى من سند البخاري على ما لا يخفى، ويونس هو ابن عبد الأعلى الصدفي المصري شيخ مسلم والنسائي وابن ماجة.
قوله: (لأن يمتلئ)، اللام فيه للتأكيد وأن مصدرية وهو في محل الرفع على الابتداء وخبره هو قوله: (خير له). قوله: (قيحا) نصب على التمييز وهو الصديد الذي يسيل من الدمل والجرح، ويقال: هو المدة التي لا يخالطها الدم، وروى الطحاوي أيضا بإسناده عن عمرو بن حريث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ مشعرا). وأخرجه البزار ثم قال: وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن إسماعيل عن عمرو بن حريث عن عمر رضي الله عنه موقوفا، ولا نعلم أحدا أسنده إلا خلاد عن سفيان، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا موقوفا، وأخرج الطحاوي أيضا بإسناده من حديث محمد بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه، خير له من أن يمتلئ مشعرا). وأخرجه مسلم أيضا، وروى الطحاوي أيضا عن أبي هريرة على ما نذكره عن قريب، وروى أيضا من حديث عوف بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (لأن يمتلئ جوف أحدكم من عانته إلى لهاته قيحا يتخضخض، خير له من أن يمتلئ شعرا)، ولما أخرج الترمذي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: وفي الباب عن أبي سعيد وأبي الدرداء. قلت: حديث أبي سعيد الخدري أخرجه مسلم قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالعرج إذ عرض علينا شاعر ينشد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احذروا الشيطان أو أمسكوا الشيطان لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ مشعرا). وحديث أبي الدرداء أخرجه الطبراني من حديث خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال:
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»