يقام له عن السرور بذلك لا من يقوم إكراما له. وقال الخطابي: في حديث الباب جواز إطلاق السيد على الحبر الفاضل، وفيه: أن قيام المرؤوس للرئيس الفاضل والإمام العادل والمتعلم للعالم مستحب، وإنما يكره لمن كان بغير هذه الصفات، وعن أبي الوليد بن رشد: أن القيام على أربعة أوجه: الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبرا وتعاظما على القائمين إليه. والثاني: مكروه وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة. والثالث: جائز وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمن معه التشبه بالجبابرة. والرابع: مندوب وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه أو إلى من تجددت له نعمة فيهنيه بحصولها. أو مصيبة فيعزيه بسببها. وقال التوربشتي في (شرح المصابيح): معنى قوله: (قوموا إلى سيدكم) أي: إلى إعانته وإنزاله عن دابته، ولو كان المراد التعظيم لقال: قوموا لسيدكم، واعترض عليه الطيبي بأنه لا يلزم من كونه ليس للتعظيم أن لا يكون للإكرام، وما اعتل به من الفرق بين إلى واللام ضعيف، لأن إلى في هذا المقام فخم من اللام، كأنه قيل: قوموا وامشوا إليه تلقيا وإكراما، وهذا مأخوذ من ترتب الحكم على الوصف المناسب المشعر بالعلية، فإن قوله: (سيدكم) علة للقيام، وذلك لكونه شريفا على القدر، وقال البيهقي: القيام على وجه البر والإكرام جائز كقيام الأنصار لسعد، وطلحة لكعب، ولا ينبغي لمن يقام له أن يعتقد استحقاقه لذلك، حتى إن ترك القيام له حنق عليه أو عاتبه أو شكاه.
27 ((باب المصافحة)) أي: هذا باب في بيان مشروعية المصافحة، وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف وإقبال الوجه على الوجه، وقال الكرماني: المصافحة الأخذ باليد، وهو مما يولد المحبة.
وقال ابن مسعود: علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه مناسبة هذا التعليق للترجمة ظاهرة، وسقط من رواية أبي ذر وحده، ووصله البخاري في الباب الذي بعده.
وقال كعب بن مالك: دخلت المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلي طلحة ابن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني مطابقته للترجمة في قوله: (حتى صافحني) وهذا التعليق قطعة من قصة كعب بن مالك مضت مطولة في غزوة تبوك في أمر توبته. قوله: (فإذا)، للمفاجأة. قوله: (فقام إلي) بتشديد الياء. قوله: (يهرول) جملة وقعت حالا من الهرولة وهو ضرب من العدو. قوله: (وهنأني) بقبول التوبة ونزول الآية، وطلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرة بالجنة.
6264 حدثنا يحياى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني حيوة، قال: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد سمع جده عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (انظر الحديث 3694 وطرفه).