عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٥٩
أنت؟ ثلاثا، اقرأ والشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، ونحوها.
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم، عذر معاذا في قوله: (إنه منافق) لأنه كان متأولا وظنا أن التارك للجماعة منافق.
ومحمد بن عبادة بفتح العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة الواسطي، ويزيد هو ابن هارون، وسليم بفتح السين المهملة وكسر اللام ابن حيان من الحياة أو من الحين منصرفا وغير منصرف.
والحديث مضى في كتاب الصلاة في: باب إذا طول الإمام. وكان للرجل حاجة، وفي: باب من شكا إمامه إذا طول مطولا، ومر الكلام فيه.
قوله: (فيصلي به الصلاة) ويروى: صلاة، وكانت هذه الصلاة صلاة العشاء، ولأبي داود والنسائي: أنها كانت المغرب، وقال البيهقي: روايات العشاء أصح. قوله: (فتجوز)، بالجيم أي: خفف وقال ابن التين: يحتمل أن يكون بالحاء أي: انحاز وصلى وحده، ويؤيد هذا رواية مسلم: (فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده ثم انصرف)، وقال البيهقي: قوله: فسلم، لا أدري هل حفظت أم لا لكثرة من رواه عن سفيان بدونها، وانفرد بها محمد بن عبادة عن سفيان. قوله: (بنواضحنا) جمع ناضح وهو البعير الذي يستقى عليه. قوله: (ثلاثا) أي: (فقال أفتان يا معاذ؟) ثلاث مرات.
وقال صاحب (التوضيح): صلاة معاذ بقومه فيه دلالة على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وانتصر ابن التين لمذهبه فقال: يحتمل أن يكون جعل صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نافلة ويحتمل أن يكون لم يعلم الشارع بذلك، وما أبعدها؟ وكيف يظن بمعاذ أن يؤخر الفرض ليصليها بقومه ويؤثر النفل خلفه؟ وكيف يدعي أن الشارع لم يعلم بذلك مع أنه اشتكى إليه؟ وقال: أفتان أنت يا معاذ. انتهى. قلت: هذا الكلام غير موجه لأنه التبس بفوت الفضيلة معه صلى الله عليه وسلم في سائر أئمة مساجد المدينة، وفضيلة النافلة خلفه مع أن أداء الفرض مع قومه يقوم مقام أداء الفريضة خلفه، وامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم، في إمامة قومه زيادة طاعة.
والحديث المذكور منسوخ، قال الطحاوي: يحتمل أن يكون ذلك وقت كانت الفريضة تصلي مرتين، فإن ذلك كان يفعل في أول الإسلام، ثم ذكر حديث ابن عمر: لا يصلي صلاة في يوم مرتين، قيل: لا يثبت النسخ بالاحتمال. وأجيب بأنه إذا كان ناشئا عن دليل يعمل به، وقد ذكر الطحاوي بإسناده أنهم كانوا يصلون الفريضة الواحدة في اليوم مرتين حتى نهوا عن ذلك، وهكذا ذكره المهلب، والنهي لا يكون إلا بعد الإباحة.
6107 حدثني إسحاق أخبرنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري عن حميد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق.
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة، وهو قوله: (جاهلا) ظاهره. وقال ابن بطال: عذر صلى الله عليه وسلم، من حلف من أصحابه باللات والعزي لقرب عهدهم بجري ذلك على ألسنتهم في الجاهلية، وروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه حلف بذلك، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله! إن العهد كان قريبا، فحلفت باللات والعزى، فقال صلى الله عليه وسلم: قل لا إله إلا الله، فعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن من نسي أو جهل فحلف بذلك فكفارته أن يشهد بشهادة التوحيد.
إسحاق جزم بعضهم بأنه ابن راهويه فكأنه أخذه من ابن السكن، فإنه قال: إسحاق هذا ابن راهويه، وقال الكلاباذي: هو ابن منصور، وأبو المغيرة بضم الميم وكسرها هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي وهو من شيوخ البخاري، وروى عنه هنا بالواسطة، والأوزاعي عبد الرحمن، والزهري محمد بن مسلم، وحميد مصغر حمد ابن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه.
والحديث مضى في تفسير سورة النجم عن عبد الله بن محمد، وأخرجه في النذور كذلك وفي الاستئذان أيضا عن يحيى بن بكير. وأخرجه بقية الجماعة.
قوله: (فليقل: لا إله إلا الله) لأنه تعاطى تعظيم صورة الأصنام حين حلف بها فأمر أن يتداركه بكلمة التوحيد. قوله: (ومن قال لصاحبه)... إلى آخره إنما قرن القمار بذكر الصنم تأسيا بقوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر والأنصاب) * أي: فكفارة الحلف بالصنم تجديد كلمة الشهادة، وكفارة الدعوة إلى المقامرة التصدق بما تيسر مما
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»