عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٦٤
وسكن غضبه.
وجرير هو ابن عبد الحميد، والأعمش سليمان.
والحديث قد مضى في: باب صفة إبليس وجنوده، وفي: باب السباب واللعن، ومضى الكلام فيه.
قوله: (إني لست بمجنون) أما هذا فكان منافقا أو أنف من كلام أصحابه دون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6116 حدثني يحياى بن يوسف أخبرنا أبو بكر هو ابن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
أوصني. قال: لا تغضب، فردد مرارا قال: لا تغضب.
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم، حذره من الغضب بقوله: (لا تغضب).
و يحيى بن يوسف الزمي بكسر الزاي وتشديد الميم وليس له في البخاري إلا عن أبي بكر بن عياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة القاري الكوفي، وأبو حصين بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد المهملة واسمه عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، وأبو صالح ذكوان الزيات السمات.
والحديث أخرجه الترمذي في البر عن أبي كريب بأتم منه.
قوله: (أن رجلا) قيل: إنه جارية بالجيم ابن قدامة، أخرجه أحمد وابن حبان والطبراني من حديثه مبهما ومفسرا ويحتمل غيره. قوله: (لا تغضب) إنما قال صلى الله عليه وسلم: لا تغضب، لأنه صلى الله عليه وسلم كان مكاشفا بأوضاع الخلق فيأمرهم بما هو الأولى بهم، ولعل الرجل كان غضوبا فوصاه بتركه. وقال البيضاوي: لعله لما رأى أن جميع المفاسد التي تعرض للإنسان إنما هي من شهوته وغضبه، والشهوة مكسورة بالنسبة إلى ما يقتضيه الغضب، فلما سأله الرجل الإرشاد إلى ما يتوسل به إلى التحرز عن القبائح وعن الغضب الذي هو أعظم ضررا وأكثر وزرا، وأنه إذا ملكها كان قهر أقوى أعدائه أمره بها، وقال الخطابي: معنى: لا تغضب، لا تتعرض لأسباب الغضب وللأمور التي تجلب الغضب إذ نفس الغضب مطبوع في الإنسان لا يمكن إخراجه من جبلته، أو معناه: لا تفعل ما يأمرك به الغضب ويخملك عليه من الأقوال والأفعال.
77 ((باب الحياء)) أي: هذا باب في بيان فضل الحياء، وهو بالمد فسروه بأنه تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم.
6117 حدثنا آدم حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي السوار العدوي قال: سمعت عمران بن حصين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحياء لا يأتي إلا بخير.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو السوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو وبالراء حسان بن حريث مصغر الحرث الزرع على الصحيح، وقيل: حجير بن الربيع، وقيل غير ذلك.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن ابن المثنى وابن بشار كلاهما عن غندر عن شعبة.
قوله: (الحياء لا يأتي إلا بخير) معناه أن من استحى من الناس أن يروه يأتي بالفجور وارتكاب المحارم فذلك داعيه إلى أن يكون أشد حياء من الله تعالى، ومن استحى من ربه فإن حياءه زاجر له عن تضييع فرائضه وركوب معاصيه، والحياء يمنع من الفواحش ويحمل على البر والخير كما يمنع الإيمان صاحبه من الفجور ويبعده عن المعاصي ويحمله على الطاعات، فصار الحياء كالإيمان لمساواته له في ذلك، وإن كان الحياء غريزة والإيمان فعل المؤمن، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: الحياء من الإيمان أي: من أسبابه وأخلاق أهله. وقال الكرماني: صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يعظمه أو يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق، ثم أجاب بأن هذا عجز، وروى أحمد من رواية خالد بن رباح عن أبي السوار عن عمران بن حصين: الحياء خير كله، وروى الطبراني من رواية قرة بن إياس، قيل: يا رسول الله! الحياء من الدين؟ قال: بل هو الدين كله.
فقال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقارا، وإن من الحياء سكينة. فقال له عمران: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن صحيفتك؟
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»