عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٥٦
ابن عمر الحوضي. وأخرجه مسلم في الزكاة عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (قسم) يعني: يوم حنين، وأعطى ناسا من أشراف العرب ولم يعط الأنصار. قوله: (فقال رجل من الأنصار) زعم بعضهم أنه حرقوص بن زهير، ورد عليه، وقد مر بيانه في غزوة حنين، قوله: (أما أنا) بالتخفيف حرف التنبيه، ووقع في بعض الروايات بتشديد الميم وليس ببين. قوله: (في أصحابه) أي: بين أصحابه كما في قوله تعالى: * ((98) فادخلي في عبادي) * (الفجر: 29) أي: بين عبادي. قوله: (لم أكن) ويروى: لم أك، بحذف النون. قوله: (بأكثر من ذلك) أي: من الذي قاله الأنصاري الذي تأذى به النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا عن قريب من جملة ما أوذي به موسى عليه الصلاة والسلام.
72 ((باب من لم يواجه الناس بالعتاب)) أي: هذا باب في بيان من لم يواجه الناس بالعتاب حياء منهم.
6101 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا مسلم عن مسروق، قالت عائشة: صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذالك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية. (انظر الحديث 6101 طرفه في: 7301).
وجه المطابقة بين الحديث والترجمة هي أن الترجمة في عدم مواجهة الناس بالعتاب، وكذلك الحديث في عتاب قوم من غير مواجهتهم. وقال ابن بطال: إنما كان لا يواجه الناس بالعتاب إذا كان في خاصة نفسه: كالصبر على جهل الجهال وجفاء الأعراب، ألا يرى أنه ترك الذي جبذ البردة من عنقه حتى أثرت جبذته فيه؟ وأما إذا انتهكت من الدين حرمة فإنه لا يترك العتاب عليها والتقريع فيها، ويصدع بالحق فيما يجب على منتهكها ويقتص منه.
وعمر بن حفص يروي عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش، ومسلم على صيغة اسم الفاعل من أسلم قال بعضهم: هو ابن صبيح أبو الضحى، ووهم من زعم أنه ابن عمران البطين. قلت: غمز بذلك على الكرماني فإنه لم يجزم بأنه مسلم بن عمران البطين، بل قال: مسلم، إما مسلم بن عمران البطين، وإما مسلم بن صبيح مصغر صبح وكلاهما بشرط البخاري يرويان عن مسروق والأعمش يروي عنهما، وابن عمران يقال له ابن أبي عمران وابن أبي عبد الله.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن عمر بن حفص. وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن إسحاق بن إبراهيم وآخرين. وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن بندار.
قوله: (صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا) لم يعلم ما هو. قوله: (فرخص فيه) من الترخيص وهو خلاف التشديد يعني: سهل فيه من غير منع. قوله: (فتنزه عنه قوم) يعني: احترزوا عنه ولم يقربوا إليه، وفي رواية مسلم: فكأنهم كرهوه وتنزهوا عنه. قوله: (فبلغ ذلك) أي تنزههم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما بال قوم يتنزهون؟ أي: يحترزون، وفي رواية مسلم: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب حتى بان الغضب في وجهه. قوله: عن الشيء أصنعه، وفي رواية جرير: بلغهم عني أمر ترخصت فيه فكرهوه وتنزهوا عنه، وفي رواية أبي معاوية يرغبون عما رخصت فيه. قوله: إني لأعلمهم إشارة إلى القوة العلمية. قوله: وأشدهم له خشية إشارة إلى القوة العملية.
وفيه: الحث على الاقتداء به والنهي عن التعمق وذم التنزه عن المباح.
6102 حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا شعبة عن قتادة سمعت عبد الله هو ابن أبي عتبة مولى أنس عن أبي سعيد الخدري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. (انظر الحديث 3562 وطرفه).
مطابقته للترجمة من حيث إنه لشدة خيائه لا يعاقب أحدا في وجهه، وإذا رأى شيئا يكرهه يعرف في وجهه، وإذا عاتب
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»